مع التطور الكبير الذي يشهده الواقع الثقافي في المملكة العربية السعودية، أعددنا لائحة تتضمن 10 مواقع مختارة من مواقع التراث الثقافي السعودي التي تروي قصة هذا البلد بماضيه القديم والحديث. فلا تفوت زيارتها.
العلا
لا بد من أن تأتي العلا في مقدمة الأماكن التي يجب الذهاب إليها لدى كل من يود زيارة المملكة العربية السعودية. فعمر هذه المنطقة الصحراوية القديمة يعود إلى أكثر من 200.000 ألف عام من تاريخ البشرية. وهي موطن الإطلالات الطبيعية الخلابة التي تتلاقى مع الأفق الصحراوي الشاسع والواحات الطبيعية والتشكيلات الصخرية الضخمة، فضلاً عن العديد من المدافن القديمة والآثار التي تعود إلى بعض الحضارات والممالك، مثل دادان ولحيان، التي كانت تحتل المنطقة في العصور القديمة. إلا أن المشهد لا يقتصر على الجزء القديم منه. فمن المعروف الآن أن العلا باتت تملك توجهاً جديداً، ضمن رؤية العام 2030 وتحت إشراف الهيئة الملكية لمحافظة العلا، لأن تصبح مساحة للفن والثقافة المعاصرين، من خلال إقامة العديد من المعارض، ومن أبرزها المعرض الفني السنوي Desert X AlUla وعروض الفن السعودي، العربي والعالمي الحديث والمعاصر.
الدرعية
هي مهد الدولة السعودية الأولى، وتقع الدرعية في الجهة الشمالية الغربية للعاصمة الرياض. وتُشتهر بهندستها المعمارية التقليدية التي تعتمد في عملية البناء على الطوب، ونتحدث هنا خصوصاً عن حي الطريف الذي كان مقر الأسرة الحاكمة، والعاصمة الأولى للبلاد منذ البدايات في العام 1727. ومؤخراً فتحت أبوابها مجدداً أمام الزائرين في محاذاة حي البجيري الذي تم تجديده والذي يضم ممراً للمشاة يمكنهم من الوصول إلى المقاهي، والمطاعم المحلية والعالمية، والبوتيكات.
ومن المواقع الثقافية في الدرعية أيضاً متحف الدرعية ومسجد الظويهرة. وبين حي الطريف وحي البجيري يمتد وادي حنيفة، وهناك يجري نهر إلى جانب الأشجار المورقة مثل النخيل والكثير من النباتات والشجيرات.
البلد
هي المكان المناسب للعودة بالزمن إلى الوراء، حيث تقع منطقة البلد على امتداد ميناء جدة المطل على البحر الأحمر. ويعود تاريخ البلد إلى القرن السابع، وتشتهر بشوارعها التي تشكل ممراً للرياح وأبنيتها المشيدة بالحجر والطوب متعددة الطوابق، إلى جانب العديد من المقاهي والمتاجر، وهي قلب مدينة جدة منذ مدة طويلة. أما حالياً فهي مساحة تستضيف العديد من المناسبات الثقافية والفنية السنوية، ومنها انطلق مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي. ولقد واصلت الشركات الرسمية والخاصة العمل على صيانة وترميم منطقة البلد باعتبارها أحد مواقع اليونيسكو للتراث العالمي.
سكة حديد الحجاز
يمكن مشاهدة بقايا سكة حديد الحجاز في المدينة وتبوك. فلقد كانت تسهل انتقال الحجاج المسلمين من دمشق إلى مكة المكرمة والمدينة المنورة. وتم إطلاق هذا الخط في العام 1900 وامتد على مسافة 1600 كليومتر من سوريا إلى المدينة بحلول العام 1908، إلا أنه لم يصل قط إلى محطته النهائية أي مكة المكرمة. وأثناء الحرب العالمية الأولى، أصبح الخط تحت سيطرة عالم الآثار وضابط الجيش والكاتب البريطاني تي. إي. لورانس وحلفائه من العرب. ومع حلول العام 1918، لم يتبقَ من السكة التي شكلت حلماً يهدف إلى إقامة الصلة بين البلدان العربية، سوى بعض الآثار. وفي العام 1920 باتت مهملة تماماً. إلا أن بقايا ذلك الحلم مازالت في مكانها ويمكن لكل زائر مشاهدتها.
نجران
تشتهر مدينة نجران التاريخية، والتي تقع في منطقة عسير، في الجزء الجنوبي الغربي من البلاد قرب الحدود مع اليمن، بقيمتها الأثرية وبكونها موطناً لمستوطنات العصر الحجري الحديث التي تعود إلى حوالي العام 5500 قبل الميلاد. ويمكن زائرها أن يشاهد أيضاً لوحات جدارية قديمة في محيط جبل القارة، يظهر فيها أشخاص يتقاتلون أو يؤدون الطقوس إضافة إلى بعض الحيوانات. ولا بدّ من الإشارة أيضاً إلى الأخدود، القرية التاريخية التي يعود بناؤها إلى 7000 عام قبل الميلاد، والتي تم ذكرها في القرآن الكريم وتعتبر من أكثر المواقع الأثرية أهمية في المنطقة. وشكلت الأخدود أيضاً ممراً لتجارة اللبان، امتد من اليمن إلى وجهات مثل مكة المكرمة، المدينة المنورة، فلسطين، سوريا، الخليج العربي وبلاد الرافدين.
قرية ذي عين التراثية في الباحة
إذا نظرنا إليها من بعيد، سنلاحظ أن قرية ذي عين ترتفع بشكل ظاهر عن الأرض. ويعود تاريخ هذه القرية إلى القرن الثامن وتم بناؤها في مكان مرتفع باستخدام الحجر الأبيض. وهي تضم تقريباً 49 منزلاً ومسجداً واحداً شُيد من الطين والحجارة المصقولة. ويمكن القول إن قرية ذي عين جوهرة في الباحة، علماً أنه تم بناؤها بالقرب من مصدر دائم للماء، وهو نبع يتدفق من الجبال القريبة ليصب في عدة برك وخزانات. وتجدر الإشارة إلى أن القرية أصبحت محطة لا بد منها لكل زائر.
قرية المفتاحة
يمكن القول إن قرية المفتاحة التي تقع في منطقة أبها، في الجزء الجنوبي الغربي من المملكة العربية السعودية، هي موطن لمجتمع فني أسسه الأمير خالد في العام 1989 من أجل تعزيز دور الفنون في البلاد. واليوم أصبحت القرية مساحة تجذب السياح والفنانين الطموحين في السعودية. وهي تضم استوديوهات، مساحات عرض وورش عمل وقراءة. أما هندستها المعمارية فهي مميزة ومستوحاة من التراث المحلي في عسير، خصوصاً إذا نظرنا إلى الحجر الطيني والأشكال الهندسية الملونة التي تتسم بها. ونشير إلى أن المفتاحة هي موطن للعديد من الصروح الثقافية والفنية مثل مركز الملك فهد الثقافي، مسرح المفتاحة، مركز الآثار والمركز الإعلامي. ولا بد من التذكير بأن بعض أكثر فناني المملكة شهرة، مثل أحمد ماطر وعبد الناصر غارم انطلقا من قرية المفتاحة.
ينبع
من منا لا يعرف ينبع التي تقع على ساحل البحر الأحمر في منطقة المدينة المنورة، في الجزء الغربي من البلاد؟ فهذه المدينة الساحلية لا تُشتهر بمناظرها الطبيعية الخلابة وشعابها المرجانية الرائعة ومياهها المثالية للغوص فقط، بل إنها أيضاً موطن للتراث القديم والحديث. ويعود تاريخ ينبع، أحد أكثر المرافئ قدماً على البحر الأحمر، إلى نحو 2500 عام، حين كانت تشكل محطة تجارية استراتيجية على طريق التوابل والبخور الممتد قديماً من اليمن إلى مصر ثم إلى البحر الأبيض المتوسط. وفيما شكلت تاريخياً ولمدة طويلة مكاناً للتجارة والأعمال، باتت اليوم مقصداً سياحياً مهماً. وتجدر الإشارة إلى أنها أيضاً موطن منزل تي. إي. لوارنس الذي أعيد ترميمه مؤخراً، علماً أن عالم الآثار الضابط والكاتب البريطاني أحب ينبع وأقام فيها بين العامين 1915 و1916 وتحديداً في مبنى حجازي تقليدي.
تيماء
تُشتهر واحة تيماء التاريخية، الواقعة في شمال غرب المملكة العربية السعودية، في منطقة تبوك تحديداً، بأنها أقدم مستوطنة بشرية تم اكتشافها حتى الآن في البلاد. ويُعتقد أنها كانت مأهولة بالسكان خلال العصر البرونزي، علماً أنها موطن للعديد من الموجودات الأثرية القديمة والمواقع التي يتم التنقيب فيها حالياً. وتشمل الآثار التي تم اكتشافها نقوشاً مصرية قديمة من عهد رمسيس الثالث (1186- 1155 قبل الميلاد) وألواحاً مسمارية ذات نقوش آرامية قديمة. أما ما يثير الفضول في تاريخ تيماء فهو أن إمبراطور بابل الحديثة نابونيدوس أنفق ما يقرب من 10 سنوات من عمره في تيماء لأسباب لم تعرف حتى الآن. ونشير إلى أن هذا الموقع يكتسب أيضاً أهمية دينية لأنه كان مقراً للديانات الإبراهيمية القديمة. ويذكر أنه تم فتح أبواب تيماء أمام الزائرين في إطار برنامج مهرجان الممالك القديمة الذي نظمته الهيئة الملكية لمحافظة العلا.
الهفوف
تقع الهفوف في المنطقة الشرقية من المملكة العربية السعودية، وهي تجذب اهتمام الكثيرين بسبب مناظرها الآسرة وآثارها القديمة. وما زالت الهفوف المركز الحضري لمنطقة الأحساء، ومن المعلوم أنها موطن أكبر الواحات في العالم، بالإضافة إلى جبل القارة، وهو تجمع ضخم من الحجر الجيري يطل على المناظر الطبيعية الرائعة لأشجار النخيل. وهناك يشكل تجمع الحجارة مشهداً سريالياً حيث يمكن الزائرين القيام برحلة داخل كهف بارد صيفاً، نشأ بفعل عوامل التعرية. ووسط الممرات الضيقة، تنساب أشعة الشمس لتشكل مشهداً مذهلاً.
ومن المواقع الأخرى التي تستحق الزيارة في الهفوف، سوق القيصرية في مركز الكوت التاريخي حيث الأبنية التي تم تشييدها وفقاً للأسلوب العثماني. ومن معالمها أيضاً قصر ابراهيم الأثري الذي يضم مسجداً مع مئذنة وقبة ترتفعان فوق أسواره. ويعتقد أنه تم بناؤه في عهد الجبريين الذين حكموا الأحساء في القرن الـ15. ونضيف إلى ذلك بيت الملا الذي بناه في العام 1203 حاكم الأحساء آنذاك الشيخ عبد الرحمن الملا. وهو يتميز بمزيج أنيق من الأساليب المعمارية العثمانية والعربية.
مقالات ذات صلة
