جدة التاريخية سجل تراثي ومشروع إعادة إحياء منطقة البلد

جدة التاريخية سجل تراثي ومشروع إعادة إحياء منطقة البلد

اكتشف الإرث الحضاري والتاريخي لواحدة من أقدم مدن المملكة العربية السعودية
16 أبريل 23
Share

تزخرُ مدينةُ جدة في السعوديةِ بمقوماتٍ تاريخيةٍ وأثريةٍ وعمرانيةٍ فريدةٍ، يصعبُ حصرها، فهي تضمُّ مجموعةً كبيرةً من المعالمِ التراثيةِ الشاهدةِ على عظمةِ تاريخها ويضع ذلك الإرث مدينة جدة التاريخية على خارطة المدن التاريخية العالمية الحيّة،  يعودُ تأسيس جدة إلى القرنِ الثالثِ قبل الميلادِ بوصفها موقعاً لصيدِ السمك، وصولاً إلى تحوُّلها إلى ميناءٍ بحري خلال عهدِ الخليفةِ الراشدِ عثمان بن عفان، رضي الله عنه، وقد أهَّلها ذلك إلى استحقاقِ التسجيلِ في قائمةِ التراثِ العالمي لدى «يونسكو» عام 2014.

600 مبنى تراثي

تحتضنُ جدة التاريخية بين جوانبها أكثرَ من 600 مبنى تراثي، و36 مسجداً تاريخياً، وخمسةَ أسواقٍ تاريخيةٍ رئيسة، علاوةً على الممراتِ، والساحاتِ العريقة، والمواقعِ التاريخيةِ، مثل الواجهةِ البحريةِ القديمة، كما تتَّسمُ بخصائص أخرى ترجِّحها على كثيرٍ من المناطقِ، فهي بمنزلةِ متحفٍ مفتوحٍ، فبيوتها الأثريةُ، ومبانيها القديمةُ، تحكي أجزاءً من تاريخِ المدينةِ، ما يُسهِّلُ على الزائرِ استنطاقَ التاريخِ التليدِ لكل مَعْلَمٍ أثري من معالمها، التي ينتمي كلٌّ منها إلى عصرٍ.

سور جدة وبواباته السبع

يأتي سورُ جدة التاريخية على قائمةِ معالمها الأثريةِ ببواباته السبعِ، التي يشهدُ كلٌّ منها على تاريخٍ حافلٍ، مثل بابِ مكة، وبابِ المدينة، وبابِ شريف، وبابِ جديد، وبابِ البنط، وبابِ المغاربة. كذلك الحالُ مع حاراتها العتيقةِ، ومساجدها التاريخيةِ، وأسواقها القديمةِ، وتكوِّنُ هذه المعالم مع بعضها سجلاً تاريخياً فريداً.

أيضاً، هناك معالمُ أخرى، تتميَّزُ بمكانةٍ خاصةٍ في جدة، منها بيتُ نصيف، أحدُ أهمِّ المعالمِ الأثريةِ في المدينة، وقد اكتسبَ مكانةً كبيرةً بعد أن نزلَ فيه الملك عبدالعزيز، طيَّب الله ثراه، خلال استضافته من قِبَلِ الشيخ عمر نصيف، ففي هذا البيتِ بايعَ أهلُ جدة الملك عبدالعزيز، وكان ذلك عام 1925م. ويعودُ تاريخُ بناءِ البيتِ إلى عامِ 1289هـ، واستمرَّ بناؤه عشرَ سنواتٍ، وقد أهداه الشيخ عمر نصيف للدولة.

مشروع إعادة إحياء جدة التاريخية

سيحوِّلُ هذا المشروعُ المنطقةَ إلى مركزٍ جاذبٍ للمشروعاتِ الثقافيةِ والتنمويةِ، ويجعلها حاضنةً للإبداع.

ونظراً لما تتمتَّعُ به جدة من مكانةٍ عاليةٍ، وما تمتلكه من تاريخٍ عريقٍ، فقد أطلقَ الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود، ولي العهدِ نائبُ رئيسِ مجلسِ الوزراءِ رئيسُ مجلسِ الشؤونِ الاقتصاديةِ والتنمية، مشروعَ «إعادة إحياء جدة التاريخية» ضمن برنامجِ تطويرِ جدة التاريخية، الهادفِ إلى تطويرِ المجالِ المعيشي في المنطقة، لتصبح مركزاً جاذباً للأعمالِ والمشروعاتِ الثقافية، ومقصداً رئيساً لروَّادِ الأعمالِ أصحابِ الطموحِ العالي. وقد جاء هذا المشروعُ الحضاري تأكيداً على حرصِ واهتمامِ سمو ولي العهدِ بالحفاظِ على المواقعِ التاريخيةِ وصونها وتأهيلها، وتحقيقاً لمُستهدفاتِ «رؤية 2030»، وبما يعكسُ العمقَ العربي والإسلامي للسعوديةِ بوصفه من أهمِ ركائزِ الرؤية.

واجهة عالمية للسعودية

يستهدفُ مشروعُ «إعادة إحياء جدة التاريخية» إبرازَ المعالمِ التراثيةِ التي تكتنزها جدة، والمواقعِ التاريخيةِ ذات المكانةِ الرفيعةِ في التاريخِ السعودي، لذا فإنَّ العملَ على تحقيقِ مستهدفاتِ المشروعِ سيمتدُّ ليصل إلى نحو 15 عاماً، سيتمُّ خلالها تطويرُ جدة التاريخية وفق مساراتٍ متعددةٍ، تشملُ البنيةَ التحتيةَ والخدميةَ، وتطويرَ المجالِ الطبيعي والبيئي، وتحسينَ جودةِ الحياة، وتعزيزَ الجوانبِ الحضرية، لتحقيقِ الغايةِ المنشودةِ من المشروعِ، ألا وهي أن تصبح جدة التاريخية موقعاً مُلهماً في المنطقة، وواجهةً عالميةً للسعوديةِ عبر استثمارِ مواقعها التراثيةِ، وعناصرها الثقافيةِ والعمرانية الفريدةِ لبناءِ مجالٍ حيوي للعيشِ، تتوفرُ فيه مُمكِّناتُ الإبداعِ لسكانها وزائريها، انطلاقاً من رؤيةٍ عصريةٍ للتخطيطِ الحضري، رُوعي فيها مفهومُ الحفاظِ الطبيعي، وضرورةُ مواءمته لاحتياجاتِ الإنسانِ، ومُحفِّزات النمو التلقائي للإبداعِ، لتغدو حاضنةً للإبداعِ، والتقاءِ روَّادِ الأعمالِ والفنانين السعوديين ضمن مجتمعٍ إبداعي خلَّاقٍ، وفي محيطٍ تتألَّقُ فيه عناصرُ التراثِ الوطني والطبيعةُ مع التصاميمِ الهندسيةِ المعاصرة.

بيئة متكاملة

 ويسعى مشروعُ «إعادة إحياء جدة التاريخية» إلى خلقِ بيئةٍ متكاملةٍ في جدة التاريخية، تتوفرُ فيها مقوِّماتٌ طبيعيةٌ عدة، تشملُ واجهاتٍ بحريةً مطوَّرةً بطولِ خمسةِ كيلومتراتٍ، ومساحاتٍ خضراءَ، وحدائقَ مفتوحةً، تغطي 15% من إجمالي مساحةِ جدة البلد، وضمن مساحةِ المشروعِ، البالغة 2.5 كيلومتر مربع.

وسيستفيدُ المشروعُ من هذه المقوِّماتِ الطبيعيةِ عبر تحويلها إلى عناصر داعمةٍ لبيئةٍ صحيةٍ مستدامةٍ، تنعدمُ فيها أسبابُ التلوثِ البيئي.

القرن الثالث قبل الميلاد

الحج منذ فجر التاريخ

يتضمَّنُ مشروعُ «إعادة إحياء جدة التاريخية» بناءَ الواجهةِ البحريةِ القديمةِ، أحدِ أقدمِ الطرقِ التي كان الحجاجُ يسلكونها للوصولِ إلى مهوى الأفئدة مكة المكرمة من أجلِ أداءِ فريضة الحج.

استثمار تاريخ جدة

يمثِّل مشروعُ «إعادة إحياء جدة التاريخية» جانباً رئيساً من جهودِ برنامجِ تطويرِ جدة التاريخية لاستثمارِ التاريخِ، والعناصرِ الثقافيةِ والعمرانيةِ في المنطقة، وتحويلها إلى روافدَ اقتصاديةٍ، تُسهمُ في نموِّ الناتجِ المحلي، وتحقيقِ مستهدفاتِ «رؤية السعودية 2030». كذلك يعكسُ المشروعُ جانباً من توجهاتِ السعوديةِ نحو تحقيقِ التنميةِ المستدامةِ في جميعِ مناطقِ ومدنِ البلادِ عبر مشروعاتٍ حضريةٍ تنمويةٍ صديقةٍ للبيئة، تتوفرُ فيها حواضنُ طبيعيةٌ للإنتاجِ الإبداعي، ومواقعُ جاذبةٌ للعيشِ والعمل، تُسهمُ في النمو الاقتصادي.