مقهى السبعينات: حكاية من الماضي في بلدة العلا القديمة

مقهى السبعينات: حكاية من الماضي في بلدة العلا القديمة

تتميز العُلا بأنها مدينة حيّة مليئة بالكنوز الدفينة والجواهر الخفية، الطبيعية والتاريخية والأثرية، التي تُكتشف عاماً بعد آخر. فهي وجهة عشاق التاريخ والطبيعة والإرث الحضاري
27 ديسمبر 23
Share

أثناء تجولنا في البلدة القديمة في العُلا، عثرنا على إحدى الجواهر المخفية: مقهى السبعينات. حسناً يعني الدخول إلى هذا المكان الحصول على جرعة مضاعفة من الأصالة والتاريخ. فهو يوقظ فيك ذلك الشعور بالحنين إلى الماضي الجميل، من خلال مجموعة مختارة من عناصر الديكور القديمة التي تنتشر في أنحاء مبناه الطيني القديم.

في الواقع، بذل مالك المقهى بندر القريشي جهوداً حثيثة من أجل الحفاظ على هذا المبنى. فهو يشكل، على حد تعبيره، "إرثاً حضارياً يمثل تاريخ البلدة القديمة العريق وحاضرها الحافل بالنجاحات". وعن ظروف التأسيس، يقول: "أسسنا مقهى السبعينات في البلدة القديمة، لأنها البيئة المثلى لذلك، فنحن نقدم أصالة المملكة في قلب بلدة تاريخية عظيمة وفي بيئة تنسجم مع أجواء المكان الأصيلة".

وقد تم إنشاء المقهى في مبنى طيني قديم مكوّن من طابقين يطل ثانيهما على أزقة البلدة القديمة. وهنا يمكنك الاستمتاع بالجلسة الخارجية وبأجوائها السريالية الخاصة حيث يلتقي التاريخ والأصالة. 

وفي مكان الضيافة غير العادي هذا سيفاجئك الديكور الداخلي الذي يضم عدداً من القطع القديمة، ومنها آلة خياطة من نوع Singer وأجهزة تلفاز وراديو قديمة الطراز، وصناديق مشروبات غازية، وتحف، وأدوات ذات استعمال يدوي، وآلة كاتبة وكاميرا كوداك وغيرهذا من المقتنيات التي تشكل جزءاً من الذاكرة الجماعية للبيوت السعودية. وعن كيفية جمعه عناصر الديكور هذه يقول القريشي: "كنت أمتلك جزءاً كبيراً من هذه المقتنيات، وأردت تحويل المقهى إلى متحف حيّ لأعرضها فيه. وهكذا بات بإمكان كل الرواد مشاهدتها، وهو ما منحها قيمة معنوية إضافية بالنسبة إلي".

سيعيدك مقهى السبعينات بالذاكرة إلى حقبة زمنية طغت فيها البساطة على التكلّف، أي إلى حقبة ما قبل الإنترنت. لذا ستتمكن من الاستمتاع بالعديد من الألعاب الشعبية التي عرفها الأقدمون، مثل أم تسع (المرطاخ)، والدومينو، والكيرم. وإذا كنت من محبي القراءة، يقدم لك المقهى مكتبة تحتوي على نفائس من الكتب النادرة والقديمة.

وفي هذا المكان يمكنك أيضاً الجلوس إلى مائدة فطور شهي يذكرك بالماضي، إذ تحتوي القائمة على النواشف، وعلى أطباق يتم تحضيرها باستخدام مكونات محلية، ومنها الجبن، المربى، العسل والزعتر وخيارات أخرى أصيلة. كذلك يمكنك تجربة مذاق قطعة من كيك كان يصنعه سكان البلدة، ويعرف باسم "كيكة البلدة القديمة". وننصحك أيضاً بتجربة البان كيك المحضّر على الطريقة السعودية المحلية، أو ما يسمى "المراصيع" التي يتم صنعها من عجينة البُر بدلاً من الدقيق العادي، مع مكونات مثل الزبدة والعسل، ما يمنحها طعماً أصيلاً ومميزاً.

ويقدم مقهى السبعينات أيضاً مختلف أنواع القهوة والشاي. ونحن ننصحك بتجربة شاي الكرك، أحد أكثر المشروبات تميزاً. وعنه يقول بندر القريشي: "يعتبر إعداد هذا الشاي إرثاً عائلياً، فقد كنا نصنع شاي الكرك في المنزل، وقد اختبرنا وصفات كثيرة بمكونات مختلفة، حتى وصلنا إلى التوليفة الأفضل التي نقدمها في المقهى اليوم. وبالفعل يحظى شاي الكرك بشعبية واسعة لدى كل رواد المقهى". وإضافة إلى هذا الشاي، ندعوك إلى تجربة القهوة السعودية المميزة وكل أنواع القهوة الأخرى التي ستضفي على زيارتك للبلدة القديمة في العلا أجواء رائعة.