السفرة السعودية في رمضان: كرم الأجداد

السفرة السعودية في رمضان: كرم الأجداد

تتنوّع الموائد الرمضانية في السعودية، وتحتوي أصنافها على مكوّنات تمتزج بأنامل الأمهات وبخبرة في الطهو ورثنها من أمهاتهن وجداتهن. إذاً تعرّف على الأطباق الشعبية والتراثية التي تشكل علامة فارقة في حياة السعوديين وزوارهم خلال الشهر الكريم
21 مارس 24
Share

من الممتع التعرّف عن كثب على السفرة الرمضانية في السعودية، فهي تنقل إلينا إرث الأجداد الحافل بالنكهات والمكونات والألوان. ولا تشكل المائدة السعودية في شهر الصوم تجربة تذوق ساحرة فحسب، بل إنها تروي من خلال كلّ طبق حكاية من التاريخ.

فإذا كنت تخطط لزيارة المملكة قريباً، اعلم أن هذا الشهر هو الفترة الأفضل للقيام بذلك. فهو يتيح لك الفرصة لتغوص إلى أعماق العادات والتقاليد التي يحافظ عليها أهل البلاد ويحرصون على نقلها من جيل إلى جيل.

ولأن المملكة تشتهر بأطباقها المتنوعة، ندعوك إلى التعرف على مميزات السفرة السعودية وعلى أبرز الوصفات التي يتم تحضيرها في كل بيت سعودي في أيام الشهر الكريم.

المائدة الرمضانية في البيت السعودي

الخبز: أساس المائدة

تتميز كلّ من مناطق المملكة بأصناف خبز خاصة تقدّم على المائدة الرمضانية، إذ يتم كسر الصوم بقطعة منه بعد تناول حبة من التمر عند الإفطار.

وتُشتهر المدينة المنورة مثلاً بخبز الفتوت أو الشريك. وهو خبز مقرمش من الخارج وطري من الداخل يُصنع مع بعض التوابل كالشمر، الحبة السوداء، الكراوية واليانسون والسمنة.

وعن طريقة صنع خبز الفتوت، تقول الشيف إيمان قزاز: "ورثنا طريقة إعداد الفتوت عن أجدادنا. فقد كانوا يضعون السمنة على الدقيق مباشرة، ما يُكسب الخبز قواماً مقرمشاً رائعاً".

ولا ننسى خبز الذرة، خبز التنور، التميس، والخبز الأحمر الحساوي، وهي أنواع تتميز بنكهاتها المختلفة.

ونشير إلى أن النساء والأمهات السعوديات يفضلن تحضير الخبز لعائلاتهن في المنزل، ويستخدمن لهذه الغاية تقنيات توارثنها عن أمهاتهن وجداتهن، ما يمنح الخبز طعم الأصالة والفرادة.

الشوربة: أصناف وتوابل

طبق الشوربة هو أحد أشهى أطباق مائدة الإفطار السعودية. وتختلف مذاقاته من نوع إلى آخر، ومن منطقة إلى أخرى.

نذكر مثلاً شوربة الحب (القمح) التي تعدّ مع اللحم والتي يضيفها أهل الحجاز إلى سفرتهم، وشوربة الجريش الخاصة بأهل نجد، وشوربة الشوفان التي يتم تحضيرها في سائر مناطق المملكة. ونلاحظ حالياً أن الشوربات المناطقية باتت تشكل جزءًا من المائدة الرمضانية في كل أنحاء السعودية تقريباً.

الثريد: رمزية دينية وتاريخية

يعدّ الثريد من الأطباق الأكثر شهرة في المملكة، إذ يتميز بدلالاته الدينية والتاريخية. لذا، لا تخلو منه أي مائدة رمضانية.

وعن هذا الطبق، تقول الرحالة السعودية وصانعة محتوى السفر والطعام، ريم الزهراني: "لا بدّ لي من إضافة الثريد إلى سفرتي الرمضانية سواء عند الإفطار أو السحور. وهو طبق قديم جداً يعود بتاريخه إلى عصر الجاهلية، ويُعرف في العالم العربي بتسميات مختلفة، ويحتوي على رقائق الخبز المجفّفة والمغمسة بمرق اللحم والسمنة. وقد أضيفت إليه لاحقاً الخضروات مثل القرع والجزر والكوسا وغيرها".

السمبوسة: مقبلات وحشوات

تُشتهر السمبوسة بحشواتها اللذيذة والمتنوعة، من اللحم إلى الخضار فالدجاج أو الجبنة. وتصفها الزهراني بقولها: "السمبوسة هي أحد أصناف المقبلات المميزة جداً على مائدة رمضان في كلّ مناطق المملكة. وتتفنن النساء بإعداد حشوتها، إذ يُشتهر أهل المدينة المنورة بإعداد سمبوسة بف مديني بشكلها المربّع أو المستطيل، وبإضافة البيض المسلوق إلى الحشوة".

الجريش والهريس

الجريش هو أحد الأطباق الشعبية الشهيرة في السعودية. يتم تقديمه خلال وجبة السحور وتحضيره من القمح المجروش مع الأرز والبصل المقلي والقرفة. لذا، فهو يحتوي على نسبة عالية من الألياف التي تساعد على الإحساس بالشبع لساعات طويلة في أيام الصوم.

أما طبق الهريس فيحتوي على حبوب القمح المطهوة مع مرق اللحم لساعات طويلة، والسمنة، والتوابل. ويتم تقديمه مزيناً بحبات الصنوبر أو اللوز مع صلصة الترشة الخاصة.

السليق: طعم أصيل

يحظى هذا الطبق اللذيذ بشعبية واسعة لدى كل أهالي المملكة. وهو غني بنكهات التوابل ومرق الدجاج والبقدونس. ويتم تقديمه عادة مع الدجاج المحمّر، وقد تضاف إليه كريمة الطبخ.

الحنيذ والمقلقل

يتطلب إعداد طبق الحنيذ مهارة في الطهو، وهو يحتوي على لحم الضأن المطهو لساعات طويلة مع الأرز والتوابل والثوم.

أما المقلقل فهو من الأطباق الشعبية سهلة التحضير، ويتم تحضيره من اللحم مع الخضروات كالطماطم والفلفل الرومي والثوم والبصل والتوابل. وهو يقدّم مع الخبز ويوفر للصائم العديد من العناصر الغذائية كالبروتينات والألياف.

المطبّق: مذاق لذيذ

ينتمي المطبّق إلى قائمة الوصفات السعودية التراثية، ويتميز بمذاقه اللذيذ وقوامه المميز، ويشتهر في كل مناطق المملكة.

يتم إعداد المطبّق من العجينة المحشوة باللحم المفروم والخضروات كالطماطم والفلفل والبيض والتوابل، ويمكن تقديمه مع المخلل وبعض أنواع السلطات.

 الفول المهروس

لا تخلو مائدة الإفطار الرمضانية السعودية من هذا الطبق الشهي، وهو يحتوي على الفول المهروس، ويقدم مع الخضروات كالطماطم والفلفل والبصل والليمون وزيت الزيتون، ويعتبر من الأطباق التي توفر كثيراً من الفوائد الغذائية المهمة.  

ويتحدث الشيف عمر المُلا عن طريقة إعداد هذا الطبق ويقول: "ثمة طرق عدة لتحضير الفول. ويتميّز سكّان غرب المملكة بتبخيره بالفحم والزيت. الطريقة بسيطة جداً وتضيف نكهة لذيذة وغير مملة إلى الطبق. وفي هذه الحالة يُوضع طبق الفول على نار هادئة، ويوضع فوقه الزيت في وعاء صغير إلى جانب وعاء آخر يحتوي على قطعة من الفحم ويغطى الطبق بإحكام".

ولا بدّ من الإشارة أيضاً إلى طبق الكبسة باللحم أو الدجاج أو الروبيان الذي يفضّل أهالي المملكة تناوله خلال وجبة السحور.

البريك المديني

اعتاد أهل المدينة المنورة إعداد البريك المديني خلال شهر رمضان. وعنه يقول الشيف عمر المُلا: "يتكوّن هذا الطبق من عجينة تفرد حتى تصبح خفيفة شفافة وتجفف في الهواء. تدهن بعد ذلك بالسمن وتضاف إليها رقاقة عجين ثانية ثم الحشوة التي تحتوي على اللحم المفروم والبقدونس والبيض المسلوق. وبعد ذلك تغطى الحشوة بالعجين ويتم خبزها في الفرن".

حلويات، مشروبات وأوقات ممتعة

لا تكتمل جلسات رمضان من دون تناول مختلف أصناف الحلويات السعودية الشهيّة لتي تقدّم بعد الإفطار، ومنها اللقيمات التي تعدّها ربّات البيوت بكل حبّ، وحلوى الكليجا والحنيني، إضافةً إلى الكنافة، والبقلاوة.

أما تشكيلة المشروبات الأشهر التي تقدم خلال الشهر الكريم، فتشمل، إلى جانب القهوة العربية، الفيمتو، الجلاب، التمر الهندي، والسوبيا.

وتحظى المائدة السعودية الرمضانية بشعبية كبيرة إذ يقصد مناطقها السياح خلال هذه الفترة للتعرّف على أكثر أصنافها وأطباقها شهرة. فلا تفوت هذه التجربة الفريدة أنت أيضاً.