ثمرة الحياة

ثمرة الحياة

إليك قصة فاكهة التمر الحلوة التي تشكل جزءًا من التاريخ السعودي، والتي ترافق السعوديين إلى موائدهم الرمضانية وخلال أيام العيد
05 أبريل 24
History of Dates in Saudi Arabia Image source: Unsplash
Share

التمر، هو الفاكهة ذات المذاق الرائع، والتي تضيف نكهة لا مثيل لها إلى مختلف الوصفات وتبهج قلوب الذواقة في السعودية منذ قرون. فهؤلاء يحبون تناولها وإن جفّت قشرتها وتجعدت، لأنها تحتفظ بذلك المذاق الساحر الذي ينتقل من الفم إلى القلب. والتمر هو رمز الضيافة، إذ يقدم  للضيوف مع كوب من القهوة العربية اللذيذة.

واجهت ثمار التمر تحديات الزمن، فهي تشكل جزءًا من النظام الغذائي في منطقتنا منذ ما يقرب من 6000 عام. وما زال طعمها وقوامها يحظيان بإعجاب الملايين، إذ تتميز بحلاوتها الطبيعية، إلى جانب خصائصها الغذائية الكثيرة.

ورغم أن "ثمار الجنة" هذه تنتمي بالدرجة الأولى إلى تراث منطقة الشرق الأوسط (أكثر من 300 نوع في المملكة وحدها)، إلا أنها تشكل جزءًا لا يتجزأ من حياة المسلمين في العالم خلال شهر رمضان أيضاً. فهي تحتل مكانة مهمة على مائدة الإفطار، إذ يتناول الصائم  بضع حبات منها معلناً نهاية صومه. ولا شكّ في أن هذا هو أحد الأسباب التي أدت إلى وصف شجرة النخيل، بشجرة الحياة، علماً أنها ذكرت في القرآن الكريم أكثر من أي شجرة أخرى.

القيمة الغذائية

لا تتميز ثمرة التمر بمذاقها الحلو الرائع فقط، بل بتوفيرها كثيراً من المغذيات أيضاً. فهي تحتوي على نسبة مرتفعة من الألياف ومضادات الأكسدة، وعلى كمية من البوتاسيوم أعلى من تلك التي تؤمنها ثمار الموز. ويعتبر التمر مصدراً للمغنيزيوم وأنواع عدة من الفيتامينات. ولا ننسى أن تناوله يمدّ الجسم بالطاقة،  لذا يحرص كثر على إضافته إلى موائدهم في شهر الصيام. إذاً سارع إلى الاستعانة بحبات التمر كلما شعرت بالتعب، وتذكر أن تضع عدداً منها في حقيبة طعامك قبل ذهابك إلى العمل، فهي لا تمنحك الطاقة فحسب، بل تشكل بديلاً للسكريات المكررة الضارة أيضاً. وهذا يعني أنه يمكنك تناول هذه الفاكهة باعتدال أثناء اتباعك نظاماً غذائياً صحياً لخفض الوزن.

أنواع كثيرة

ينمو على أرض المملكة العربية السعودية أكثر من 34 مليون شجرة نخيل، وتشكل منطقة القصيم موطناً لأكبر عدد منها، تليها المدينة المنورة والرياض. وتنتشر أسواق التمر في مختلف أنحاء البلاد، ونذكر منها سوق التمور المركزي الكائن في المدينة المنورة والذي يستحق الزيارة. وهناك يعرض أكثر من 100 بائع نحو 150 نوعاً من هذه الثمار المميزة.

 لا شكّ في أنّك ستشعر بالحيرة في حال كنت تزور السعودية وقررت شراء علب تمر لتقدمها كهدايا للمقربين منك. ولنساعدك ننصحك باختيار أحد هذه الأنواع: العجوة، العنبرة، الخلاص، المبروم، الصفاوي، الصقعي،  أو الزهيدي. ويتميز كل منها بنكهة خاصة تأسر قلوب الذواقة. لكن بالطبع ليس عليك تجاهل الأنواع الأخرى في حال كنت تمتلك الوقت الكافي للقيام بجولة على مختلف النكهات. ونذكر منها على سبيل المثال تمر البرحي الطازج الذي يتم تناوله عادة قبل أن ينضج، والذي يتميز بلونه الأصفر غير اللامع، قوامه المقرمش وحلاوته الخفيفة. ولا ننسى تمر السكري الذهبي الذي ننصح بتناوله مع القهوة أو الشاي. فهو يتميز بشكل وطعم سيذكرانك حتماً بحلوى الكراميل. ويعتبر التمر الخضري من أجود الأنواع أيضاً، ولا بد لك من تذوق ثماره ذات اللون الأحمر الداكن والقوام الطري الرائع، إذ يمكنك شراؤها من المتاجر المختلفة.

ويبدو أن التمر دخل إلى المطابخ في أماكن الضيافة الفاخرة. وفي هذا السياق تقول ربيعة مكوار، الشيف ورئيسة قسم المطبخ السعودي في فندق فور سيزونز في الرياض: "يحتل التمر مكانة مهمة في المطبخ السعودي. وهو يرمز إلى كرم الضيافة ويشكل جزءًا من تقاليدنا. وتضيف أنواعه المختلفة، مثل السكري والعجوة، نكهات رائعة إلى العديد من الأطباق المحلية. ويتم تقديم هذه الأطباق خلال الاحتفال بالمناسبات وفي معرض الحياة اليومية. وهي باتت تعكس تراث المملكة الغني في عالم الطهو". 

إذاً لا عجب في أن يصبح التمر الحاضر الدائم على موائد السعوديين، في الأيام العادية والمميزة في آن. فهو يستخدم مثلاً لصنع حشوة المعمول، الحلوى اللذيذة التي تُحضر من دقيق السميد مع المكسرات مثل الفستق والجوز، والتي تقدّم في أيام العيد. لذا، يمكننا القول إن التمر هو رفيق الجلسات العائلية وأحد أعمدة التراث المحلي.

ورغم التحولات التي يشهدها واقعنا تحافظ هذه الفاكهة على موقعها المهم العابر للزمن. فهي تضفي على أيامنا نكهة حلوة وتروي فصلاً من فصول التاريخ السعودي.