أهلاً بك في منزلك!

أهلاً بك في منزلك!

تعرفت نورة السعدون على عادات وثقافات الكثير من الشعوب، من خلال رحلات قامت بها إلى بلدان مختلفة حول العالم. وقررت تتويج تجاربها بإنشاء منصة تتيح للمسافرين الاستمتاع بدفء الضيافة السعودية
26 يوليو 23
Noura Al Sadoun: Hi Home
Share

لا نشعر، نحن السعوديين، بالدهشة حين يخبرنا أفراد من عائلات سعودية أنهم رحبوا بالضيوف واستقبلوهم في منازلهم. في الحقيقة تُشتهر منطقتنا بالكثير من العادات التي ترتبط بحسن الضيافة. وانطلاقاً من هذا الواقع اكتشفنا Hihome (حيّهم) وتعرفنا على هذه المنصة المبتكرة عن قرب.

ولدت Hihome بفعل جهود بذلتها نورة السعدون، وهي منصة تمكّن كلَّ السعوديين من أن يصبحوا مضيفين وأن يستقبلوا الضيوف القادمين من كل أنحاء العالم في منازلهم لبضع ساعات. كما أنها توفر بعض التجارب التي تذكّر بعادات المملكة وتقاليدها وثقافتها.

لكن يمكن القول أيضاً إنّ الأسباب التي دفعت نورة إلى تطوير هذا الموقع لا تقتصر على روحية الترحيب والتواصل المتجذرة في المجتمع السعودي. ولنعرف الدوافع الأخرى التقينا رائدة الأعمال الشابة وتحدثنا وإياها عن شغفها بالسفر، ببناء العلاقات الاجتماعية، كما عن رحلتها الخاصة التي أدت إلى تطوير Hihome.

فكرة وإلهام

حين تتحدث نورة عن طفولتها، تتذكر أولاً حسن الضيافة الذي كان يظهره والدها تجاه الضيوف. وتروي أنه كان يستضيف هؤلاء في مزرعة العائلة الصحراوية (تقع على بعد نحو ساعتين بالسيارة غرب الرياض). وإذ تقص على مسامعنا بداية الحكاية تقول: "هذا ما ساعدنا على التواصل مع الكثير من الأشخاص وعلى بناء علاقات صداقة مع من كانوا يقيمون في المزرعة". 

تأثرت نورة بطباع والدها وباتت تُظهر حباً كبيراً للسفر، للتعرف على ثقافات مختلفة واختبار تجارب جديدة وبناء علاقات صداقة مع أشخاص جدد، وهو ما دفعها إلى الذهاب إلى أماكن بعيدة عن موطنها. وخلال إحدى الرحلات التي قامت بها للمرة الأولى إلى كوبا وكولومبيا، ولّدت فكرة Hihome.

ولأنها لم تكن تعرف الكثير عن البلدين، قررت إجراء بحث عبر الإنترنت. وفي تلك الأثناء، لاحظت أن أحد المواقع يدعو المسافرين إلى زيارة المنازل ولقاء السكان المحليين والتعرّف على ثقافاتهم وعيش بعض التجارب إلى جانبهم، من خلال زيارة مزرعة ما أو تناول الطعام بصحبة إحدى العائلات. 

حاز مفهوم الموقع إعجابها وشجعها على إنشاء موقع مماثل في السعودية في العام 2019، بالتزامن مع تسارع الخطى التي ترمي إلى تعزيز السياحة الدولية في المملكة. وتحوّلت رؤيتها إلى حقيقة بعدما تلقت الدعم من شريكها في العمل، فهد السويلم، ما أدى إلى ولادة HiHome.  

الرحلة

انطلقت أولى تجارب HiHome من الرياض، وتحديداً من منزل نورة. حينها دعت أصدقاءها وعدداً من الأشخاص المقربين إلى الدخول إلى المنصة. إلا أن بعض هؤلاء لم يبدوا اهتماماً كبيراً بها، خصوصاً عندما علموا أنه يتعين على زائري الموقع دفع بعض الرسوم.

لكن، مع مرور الوقت، بدأت HiHome تشهد إقبال عدد من متصفحي الإنترنت وتكتسب الشهرة باعتبارها موقعاً فريداً من نوعه في السعودية ومنصة تسمح للزوار بالتفاعل مع السكان المحليين من خلال بعض النشاطات مثل الطهو، الورش الفنية، وأكثر.

وهذا ما توضحه نورة بالقول: "فاقت درجة التفاعل مع الموقع توقعاتي، ولا عجب في هذا لأن السعوديين يتسمون بالكرم، بالحس الاجتماعي، كما أنهم يحرصون على الترحيب بالضيوف".    

 وفي العام 2021 منح معالي وزير السياحة أحمد الخطيب HiHome وساماً باعتباره أفضل تجربة سياحية في المملكة. 

التجارب

انطلاقاً من قصة النجاح الملهمة هذه، قررنا التعامل مع المنصة من خلال حجز تجربة مع مؤسستها. وحين وصلنا إلى منزلها، رحبت بنا نورة واصطحبتنا إلى مجلس تمّ تصميمه على الطراز النجدي، وهناك قدمت لنا القهوة السعودية، التمر، المعمول والكليجة.

وبعد أن استمتعنا بأجواء الضيافة السعودية هذه، روت لنا نورة السعدون قصة أطباق التقديم (التي كانت ملكاً لإحدى جداتها)، كما أرتنا ملابس تقليدية ترتديها المرأة النجدية، وعلمنا أنه يمكننا ارتداؤها لبعض الوقت.

وحين انتقلنا إلى المجلس الخارجي، تابعنا الحديث واطلعنا على تجارب السفر التي اختبرتها نورة: الوقت الذي أمضته كمتدربة في مجال التسويق في نيوزيلندا في العام 2013، وقصة ذهابها إلى بوسطن حيث نالت شهادة الماجستير من Emerson College وتعرفت إلى طلاب من 30 بلداً مختلفاً.

وقالت في هذا السياق: "لا شكّ في أنني سعيدة الحظ لأنني أنتمي إلى أسرة منفتحة. وهو ما ساعدني على السفر بشكل متكرر، علماً أن الأهل يذكرونني وأقاربي دائماً بأننا نمثل المملكة العربية السعودية في البلدان التي نقصدها"، مضيفة: "أفخر بتميزي وبثقافتي وتقاليدي. فقد ساهمت في ما أنا عليه اليوم، وأريد أن يرى الناس ذلك".

المستقبل

تضم المنصة حالياً أكثر من 100 منزل ومزرعة في 20 مدينة سعودية، من الرياض إلى جدة فأبها. "من المهم بالنسبة إلينا أن يتعرف الزائرون إلى ثقافتنا الغنية والمتنوعة من خلال تجارب فريدة يختبرونها هنا"، تابعت نورة مشيرة إلى اختلاف يسجّل على مستوى العادات، الملابس والطعام بين المناطق المختلفة من الشمال إلى الجنوب.

وعند سؤالها عن خطوتها التالية، تشرح مؤسسة HiHome أن المنصة ستضيف قريباً إقامات ليلية وتجارب جديدة متنوعة (ركوب الخيل في إحدى المزارع على سبيل المثال) وأنها تخطط للتوسع في منطقة الخليج وسائر البلدان العربية حيث تتوفر الإمكانيات لابتكار تجارب جديدة في السنوات العشر المقبلة.  

إذاً انطلقت نورة من تجربة خاصة نحو تحقيق حلم آمنت به وحولته إلى حقيقة. وهي تشعر اليوم بالرضى تجاه كل إنجاز تمكنت من تحقيقه وبالامتنان تجاه كل دعم وتشجيع تلقتهما في معرض عملها.

وتعليقاً على هذا قالت: "أنا ممتنة جداً لحصولي على دعم والدي، والدتي، زوجي، وأخي الأكبر نايف. لقد ساعدوني على استقبال أكثر من 300 زائر".  

جميع الصور بواسطة محمد البعيجان.