رسالة حبّ من الخُبر

رسالة حبّ من الخُبر

تنطلق الصحافية وعاشقة الموضة، داليا درويش، من المنطقة الشرقية في المملكة العربية السعودية لتصحبنا في رحلة إلى مدينة الخُبر، ولتروي لنا قصصاً عن ارتباطها العميق بهذه الجوهرة الساحلية الرائعة
25 أبريل 24
Share

بدأت قصتي من الجبيل، المدينة الصناعية وعاصمة المحافظة التي تحمل الاسم نفسه والتي تقع فــي المنطقة الشرقية. فهنــاك أمضيت سنواتي الأولى حتــى بلغت عامي الحادي عشر، أي حين انتقلت عائلتي للإقامة في الخبر. وعندما أتحدث عــن مكان نشأتي، تغمرني الذكريات الجميلة، مـن روضة الأطفال إلى أوقات ما بعد الظهر التي كنت أمضيها برفقـة والدي، رحمه الله، أثنـاء قيامه بصيد السمك. في تلك المرحلة، كانت عائلتي تقضي معظم عطلات نهاية الأسبوع في الخُبر.

وكنت أنتظر تلك الأيام بفارغ الصبر، وأتوق إلى استكشاف الكورنيش وشاطئ العزيزية حيث كنت أستمتع بركوب الخيل، باللعب، بالتنقل على متن العربات، وبشراء مختلف أنواع الحلويات من شاحنات الآيس كريم والبليلة. إذاً فلنقم معاً بزيارة إلى الدمام، ولنذهب إلى الخبر، ولنعرّج على قريتها الشعبية التي تعتبر متحفاً ومطعماً معاً. فهذا ما كانت عائلتي تفعله في زمن مضى، كما كنا نتوجه، خلال بعض عطلات نهاية الأسبوع، إلى البحرين.

الخُبر... البداية

حين بلغت عامي الـ11 انتقلت أسرتي إلى الخُبر، وفي هذه المدينة النابضة بالحياة ظهـر شغفي بالأدب الإنكليزي. وكان والداي يصحبانني، مرة كل شهرين، إلى مكتبة جرير المطلة على الكورنيش. وكنت أمضي هناك ساعات أختار خلالها الكتـب بعناية. وكنت أقرأ المجلدات في مدة قصيرة حتى تحولت زياراتنا للمكتبة إلى طقس شهري. كذلك كنت أستمتع بكتابة الشعر باللغة الإنكليزية، فقد ورثت الموهبة عن والدتي، الفنانة والشاعرة، وهـو ما ظهر من خلال خياري المهني.

إقرأ أيضاً: 24 ساعة في الخبر

ولاحقاً غادرت إلى الولايات المتحدة الأميركيــة حيث أمضيت ست سنوات متنقلة بين ألاباما وكاليفورنيا من أجل الدراسة والعمل. فقد تابعت دراستي في مجال إدارة الأعمال في جامعة ألاباما حيث حزت شهادة البكالوريوس، وشهادة فـي تخصص فرعي هـو إدارة المـوارد البشـرية. وعندما حان وقت عودتي إلـى المملكـة، قادني القدر إلى موطني، إلى الخُبر، حيث التحقت كمتدربة بإحدى المجلات المحلية. وخلال ثلاثة أشهر، قمت بمهمات محررة الموضة، محققة بذلك حلماً راودني منذ مرحلة الدراسة الإعدادية.

 وهكذا بدأت أحقق التقدم في عالم النشر واستكشفت مجالات عدة، من الطعام، إلى السفر، فالأعمال، بل تعرفـت على عالم النفط والغاز أيضاً. وكنت أزداد فضولاً مع مرور الوقت، وتمكنت، خلال تلك المرحلة، من صقل مهاراتي وزيادة قدرتي على الفهم العميق للأشخاص الذين أجريت معهم المقابلات. وأتاح لي كل ذلك سـرد قصص رائعة عـن نساء سعوديات مميزات، وهـو ما زادني شغفاً برواية الحكايات.

وفي العام 2020 تمكنـت من تحقيق حلم طال انتظاره، إذ قمت بتأسيس أول وكالة لعرض الأزياء في الخُبر، وهو ما يرتبط إلى حد كبير بتشجيع تلقيته من إحدى عارضات الأزياء في العام 2010. وبعد مرور ثلاث سنوات، تم تصنيفي من قبل شركة فاست الشرق الأوسط كإحدى أكثر الشخصيات ابتكاراً في العام 2023. وأنا أدين بهذا الإنجاز للخبر التي ساهمت في تغذيـة فضولي ورغبتي في تحدي الوضع القائم، ودفعتني إل المضي قدماً على طريق التميز والنجاح.

رحلة إلى الوطن

رغم أنني أقيم راهناً في الرياض، إلا أنني ما زلت أبـدي ارتباطي الشديد بالخُبر، فأزورها كلما أتيحـت لي الفرصة لذلك. وما زال كورنيش المدينة أحد المواقع المفضلة لدي، فهو المكان الذي شهد على حبي للكتب في زمن طفولتي، والذي أقصده لكي أستعيد قدرتي على الكتابة والإبداع. ويشكل هذا الكورنيش وجهة مثالية للتتنزه، لشـرب القهـوة، وللجلوس والاستمتاع بمنظر الشاطئ الرائع.  

وفي الخُبر أجد كثيراً من أسـباب المتعة، مثل قضاء الوقت في الخبر سيتي ووك الذي يضم مجموعة من المطاعم والمقاهي المميزة. أما إذا قررت القيام بجولة تسوق، فتراني أتوجه غالباً إلى الراشد مول. وإذا أردت التحدث عن أماكن خاصة ومميزة، فلا بد لي من أن أذكر مقهى صنداي نايت الذي يقع على بعد مسافة قصيرة بالسيارة عن منزلي، والذي كنت أقصده من أجل كتابة مقالات جديدة. ومن المهم أن أشير إلـى مطعم سيفين الذي أزوره حين أشتاق إلى الأيام التي أمضيتها في الولايات المتحدة. وهناك يتم تقديم وجبتي الفطور والغداء اللتين كنت أحب تناولهما أثناء إقامتي في ألاباما، أي الدجاج والوافل.

كذلك لا أنسى الشوارع التي عرفتها خلال طفولتي والتي أذهب لاستكشافها كلما شعرت بالرغبة في التجول بلا هدف. فأنا أستمتع بزيارة الأحياء القديمة، بتأمل جمال مظاهرها الفنية، مثل الجداريات الرائعة التي تزين شارع MK Art Graffiti، ومشاهدة وجوه السكان المحلييـن الودودة والتي تذكرنــي دائماً بدفء هذه المدينة. فرغم أنني انتقلت إلى العاصمة، إلا أن المنطقة الشرقية ستحظى دائماً بمكانـة مهمة في قلبـي. فهي منزلي حيث نشأت وحيث يعيش كل مَـن أحب. وهي المكان الذي جعلني ما أنا عليـه اليـوم. فالحمدلله والشكر لوالديّ اللذين قدما لي كل الدعم خلال مسيرتي.


 تصوير: أسامة جبرتي


قادت داليا درويش، في منطقة الخبر،  سيارة RX Lexus مقدمة من عبد اللطيف جميل للسيارات (لكزس)