المدينة المنورة في عين الفن والإبداع

يعرف الجميع أن المدينة المنورة هي أحد المواقع الهامة للمسلمين وموطن المسجد النبوي الشريف. إلا أن أهميتها تتجاوز ذلك فهي من أكثر المدن السعودية غنىً من حيث التاريخ والفنون والثقافة. وهو ما يدل عليه مركز المدينة للفنون الذي يقع في حديقة الملك فهد، في الجانب الجنوبي الغربي لمسجد القبة.

تم تأسيسه في العام 2018 برعاية سمو الأمير فيصل بن سلمان، أمير منطقة المدينة المنورة والداعم الدائم للتنمية في المجالات الإبداعية في المنطقة، وذلك بهدف تشجيع وتحفيز حركة الفن المعاصر في المملكة.

وشكل المعرض الأول الذي أقيم في المركز تظاهرة إبداعية استثنائية شارك فيها كبار الفنانين السعوديين. ومن هؤلاء فلوة ناظر، الدكتورة زهرة الغامدي، مهند شونو، ناصر السالم، مروة المقيط، أحمد ماطر وخالد زاهد وآخرون. حينها كان عدد العروض قليلاً جداً، ما ساهم في تعزيز ريادة هذا المعرض الذي رعاه وأخرجه الفنان معاذ العوفي، العضو في مجلس مركز المدينة للفنون.    

الرؤية

• 

• 

يشرح راشد الشعشعي الرؤية التي يستند إليها المركز بالقول: "تقوم رؤية المركز على تقديم مساحة فنية راقية يمكنها المنافسة على المستوى الدولي، مساحة توفر للسكان والزائرين كل أشكال الفن"، مضيفاً: "نريد أيضاً تعزيز المعرفة على مستوى الفن والثقافة في مجتمع المدينة".
ولا شك في أن هذا المركز يعكس أيضاً الرؤية الطموحة (2030) لولي العهد ورئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان والتي تهدف إلى بناء نظام اقتصادي يقوم على التنوع، وذلك من خلال تنمية قطاعات مثل الفن، التكنولوجيا، الثقافة، السياحة وغيرها. ونتيجة لذلك، باتت أهداف مركز المدينة للفنون تشمل أيضاً جذب المزيد من الزائرين إلى إحدى الوجهات السياحية الأكثر أهمية في المملكة والتي تحفل بالمواقع الإسلامية والتاريخية.

المبنى

يمكن القول إن مبنى المركز يشكل تحفة معمارية ذات طابع إسلامي، علماً أن مساحته تشكل جزءًا من نطاق عمل هيئة تطوير منطقة المدينة المنورة. أما مصممه فهو عبد القادر حافظ، أحد السكان المحليين، حيث أراد من خلال هذا البناء أن يعكس المشهد الطبيعي الذي تتميز به المنطقة. وهو يضم، إلى جانب القاعة الرئيسية، مراكز للتدريب، مكتبة حديثة، منطقة جلوس خارجية واسعة، صالتي عرض رئيسيتين وثلاث صالات صغيرة.
وفي المركز أيضاً مساحة Art 365 التجريبية المخصصة لعرض أعمال الفن المعاصر أسبوعياً على مدار العام. وتستضيف هذه المساحة فنانين من خلفيات وأعمار مختلفة وتقدم لهم الفرصة لعرض مشاريعهم الفنية، بغض النظر عن المواد المستخدمة، المفاهيم المعتمدة، وطريقة التنفيذ. لذا تُعتبر Art 365 منصة تجريبية فريدة من نوعها في المملكة.

النوادي والبرامج

• 

• 

يحفل برنامج مركز المدينة للفنون بالنشاطات المتنوعة التي تشمل 15 ورشة عمل و200 فعالية جماعية تنظّمها نواديه التسعة سنوياً. ولهذه الغاية تلقى الدعم المادي من صندوق التنمية الثقافي. ويشار إلى أن هذه النوادي تُعنى بالفنون الجميلة، التصوير الفوتوغرافي، الخط العربي، والفن الرقمي. كما يضم المركز مساحة للأطفال الذين تزيد أعمارهم عن الخمس سنوات، نوادي للمتطوعين والأصدقاء، قسماً للمهندسين المعماريين، و"ثالوثيا" وهو نادٍ تُعقد فيه اللقاءات يوم الثلاثاء الأخير من كل شهر لمناقشة مواضيع فنية". ويضيف الشعشعي في هذا السياق أنه يتم عقد لقاء أسبوعي للتطرق إلى مواضيع مثل المهارات الفنية وأفكار ورش العمل.

أما محور اهتمام هذا المركز فهو تعزيز الإبداع في مجال الفن الحديث وبناء برنامج تعليمي غني. وفي هذا الإطار يُقام شهرياً من 8 إلى 15 ورشة عمل تتوجه إلى المهتمين من مختلف الأعمار تحت عناوين مختلفة.
وبحسب مديره محمد فوزان الحجيلي، فإن المركز "هو مساحة تهدف إلى تقديم تجربة إبداعية وتعليمية لكل من يهتم أو لا يهتم بالفن".

فعاليات

ينتظر عشاق الفن بأشكاله المختلفة إقامة مركز المدينة للفنون للسمبوزيوم الأول في شهر يوليو المقبل، وهو ما أشار إليه الحجيلي، لافتاً إلى أن هذه الفعالية ستشمل ثلاث مجالات هي الفنون الجميلة، التصوير الفوتوغرافي والخط العربي، وستشهد مشاركة 60 فناناً. وتشمل اللائحة فنانين عالميين، 20 فناناً عربياً وآخرين من منطقة المدينة، علماً أن اللقاءات الحوارية ستعقد في أماكن مختلفة منها.
ولا بدّ من الإشارة إلى "معرض الأحلام – من جاكس إلى المدينة المنورة" الذي يقام حتى تاريخ 10 يونيو ويعرض رسوماً وأعمالاً فنية مرئية لـ23 فناناً من المحترفين والهواة الذين ينتمون إلى مناطق مختلفة من المملكة. ومن هؤلاء نذكر بدور السديري، حمود العطاوي، خلود البقمي، راشد السبيعي، سعد الهويدي ومشعل الزير.

• 

• 

ويهدف هذا المعرض الذي أشرفت عليه مؤسسة "نماء المنورة" ودعمه الصندوق الثقافي السعودي وصمّمته أمنية عبد القادر إلى أن يتحول إلى حاضنة فنية وإلى منصة للفنانين الشباب والمبدعين في المملكة، ما يتيح لهم تبادل الأفكار والخبرات العملية. وهو يعتبر المعرض الأول الذي يجمع أعمالاً لفنانين من حي جاكس في الدرعية، الرياض.

وتُعرض أعمال المعرض عبر وسائط متنوعة تُظهر الطبيعة الغامضة للأحلام، عمقها اللامتناهي ومعانيها المختلفة. ويمكن الزائرين وعشاق الفن التقاط الصور لها، ومنها صور خالد المرزوقي بالأبيض والأسود والتي تبدو كنسخة مشوهة عن حياتنا اليومية، ولوحات فهد النعيمة التعبيرية التجريدية. ولا بدّ أيضاً من ذكر أعمال عارف النمي وسارة أبو عبدالله وهديل الحسين وآخرين. فمن خلال عالم الأحلام الرائع والغامض، تركز هذه الأعمال على معاني الأمل والتغيير فضلاً عن الآفاق الفنية الجديدة التي يشكل مركز المدينة للفنون جزءًا لا يتجزأ منها.