معرض إثراء الأخير "من الأرض"

معرض إثراء الأخير "من الأرض"

التغيّر المناخي والاستدامة عنوانان رئيسيان انطلق منهما معرض إثراء الأخير "من الأرض"
27 يوليو 23
Rashed Alsubaie's Sinam Alshara
Share

تحتل الطبيعة حالياً مركز الصدارة في إثراء (مركز الملك عبد العزيز الثقافي العالمي) من خلال معرض يضم 32 عملاً فنياً لفنانين سعوديين معروفين وناشئين.

لوحة الفنانة عبير الخليفة

وتحتفي هذه الإبداعات، التي تجمع عناصر حسية تمثل مختلف المناطق الطبيعية في المملكة، والتي تشمل لوحات، ابتكارات رقمية، تركيبات وفنوناً صوتية، بالتراث الطبيعي وتظهر حبّ الفنانين لأرضهم. وتم تنظيم المعرض الذي يستمر حتى 8 أغسطس المقبل تحت عنوان "من الأرض" From Earth بالتعاون مع جمعية الثقافة والفنون بالدمام، بهدف تشجيع التطور الفني وتعزيز التنوع في السعودية.

هذا ما يشير إليه مدير الجمعية، سعيد يوسف الحربي بقوله: "يتضمن المعرض مفاهيم عدة، رموزاً، ودلالات ذات أبعاد مؤثرة وتحفيزية"، مضيفاً: "الأرض هي المفهوم، الفكرة، الرمز، وقد اختار الفنانون استكشافها لأنها تشجعهم على تحقيق التفوق الإبداعي بشغف كبير، كما تحفزهم على التمسك بجذورهم كأساس للتقدم. فالمبدع يرى في الأرض مصدر إلهام يعزز لديه الشعور بالانتماء، فيحملها في قلبه أينما ذهب". 

ويقدم المعرض، الذي تم افتتاحه في فبراير الماضي، أعمالاً تم اختيارها بناءً على دعوة مفتوحة للمشاركة وجهتها إثراء، بالإضافة إلى إبداعات موقعة من بعض الفنانين الضيوف. وفي هذا السياق، تولت لجنة تحكيمٍ اختيارَ الأعمال التي يمكنها المشاركة في هذا الحدث الفني، انطلاقاً من درجة انسجامها مع موضوعه العام. وهكذا تم عرض الإبداعات وفقاً لسبعة اتجاهات: الوسائط المتعددة، الأعمال الفنية التشكيلية، التركيبات، المنحوتات، الأعمال الفنية التسلسلية، والخط العربي.

في الواقع، لا تكمن قوة المعرض في نظرة كلّ من الفنانين إلى طبيعة المملكة فحسب، بل أيضاً في قدرته على إظهار تنوع تلك الطبيعة وغناها. ونذكر مثالاً على هذا اللوحة التجريدية "ذكريات مختزلة"، فمن خلالها أراد الفنان عبدالله الألمعي (الذي يُعرف بألوانه النابضة بالحياة وأشكاله التجريدية) إظهار تأثير بيئة عسير على الحياة اليومية لسكانها. لذا أعاد استكشاف القط العسيري، وهو فن تقليدي استخدم لتزيين المنازل في المنطقة وتميّز بخطوطه المستطيلة وألوانه الزاهية. كما هدف من خلال رسومه هذه إلى ترجمة التقاليد والحياة الاجتماعية في مسقط رأسه.

أما تركيبة الفنان عبيد الصافي ثلاثية الأبعاد وعنوانها "الخلوج"، فتعكس مفهوم الحزن والخسارة من خلال إبراز حالة الخلوج (ويعني هذا أن تفقد الناقة مولودها الجديد). وفي هذا العمل يحلل الصافي صوت الناقة الأم ويحوله بواسطة الذكاء الاصطناعي إلى عنصر ملموس. ويشرح هذا بالقول: "نعيش راهناً في بيئة متقدمة حيث تتوفر المعرفة التي تزوّد الفنانين بأدوات يحتاجون إليها للتعامل مع حالات يتناولها خيالهم"، مضيفاً: "تهدف كل المحاولات الفنية التي أجريها بواسطة الذكاء الاصطناعي إلى أنسنة الآلة ثم إلى تعميم فهم أكبر للمشاعر الإنسانية".

ومن خلال عمل مؤثر بشكل خاص عنوانه "صوت الأرض" يجمع الفنان معاذ الحازمي أصواتاً من مختلف بقاع المملكة العربية السعودية ويضعها في صناديق على ألواح من الألومنيوم، ما يتيح للزوار الاستماع إليها واختبار تجربة مميزة. ويشكل هذا التركيب طريقة لاستكشاف أصوات تصدر من الأماكن المختلفة وتعيش في أذهاننا حيث يمكننا استرجاعها لاحقاً من خلال التجارب والذكريات. بالفعل يسعى الفنان إلى إظهار الارتباط الوثيق بين ذكرياتنا البصرية والسمعية، من خلال حفظ أصوات خمس ظواهر طبيعية منها الرياح الجبلية، النسيم وشاطئ البحر. فقد تم مثلاً تسجيل صوت لوح الأرض في المنطقة الساحلية على شاطئ بحر سيهات على مقربة من القطيف.

إذاً تقدم أعمال الحازمي وأعمال أخرى رؤية جديدة لمفهوم الانتماء إلى الأرض، وهي رؤية تركز على الدور المهم الذي لا يتحدث عنه كثر والذي تؤديه المناظر الطبيعية في معرض حياتنا اليومية وذكرياتنا.