الفنّ على خطى الطبيعة

الفنّ على خطى الطبيعة

كيف تنعكس الطبيعة على تصميم متحفين جديدين في العلا؟ هذا ما يوضحه المهندسان المعماريان لينا غطمي وآصف خان
14 أغسطس 23
Meet the Architects: Lina Ghotmeh and Asif Khan Image source: Royal Commission for AlUla
Share

تستعد المساحات الطبيعية الصحراوية القديمة في العلا، التي تُعرف بأنها أكبر متحف حي في العالم، لاستضافة متحفين جديدين: متحف "طريق البخور" ومتحف "الفن المعاصر". وينتمي الصرحان إلى لائحة تضم 15 مرفقاً ثقافياً سيتم تطويرها في إطار خطة مدتها 15 عاماً تهدف إلى تحويل العلا إلى مركز عالمي للثقافة والسياحة. 

وفي هذا السياق يبرز اسما لينا غطمي، المهندسة المعمارية اللبنانية الفرنسية، والمهندس المعماري البريطاني آصف خان. وقد تم اختيارهما خلال مسابقة دولية من قبل لجنة تحكيم ضمت متخصصين في مجالات العمارة، المعالم الطبيعية والمتاحف وتعاونت مع لجنة تقنية ترأسها خالد عزام، المصمم المعماري الشهير ومدير مدرسة الأمير للفنون التقليدية في لندن (يشغل راهناً منصب عضو في مجلس إدارة الهيئة الملكية لمحافظة العلا).

وتعليقاً على التغييرات التي تشهدها العلا يقول خالد عزام: "نرى في العلا مشهداً مذهلاً من الاكتشافات، حيث يلتقي التراث، والطبيعة والحضور البشري لتسليط الضوء على العلاقة الوثيقة بين الناس والبيئة المحيطة بهم"، ويضيف: "ستؤدي هذه الخطة الجديدة إلى إعادة إحياء العلا، من خلال إنشاء إرث ثقافي جديد يسمح بإرساء أسس اقتصاد دائري، حيث من المتوقع أن يوفر المشروع نحو 38000 وظيفة جديدة".

أما خان، الحاصل على جائزة MBE البريطانية نظراً إلى الخدمات التي قدمها في مجال الهندسة المعمارية، والذي يعمل حالياً على تجديد Barbican Centre في لندن ومتحف لندن الجديد، فيؤكد أن بناء مساحة لإقامة الحوار مع الطبيعة مسألة مفصلية بالنسبة إليه. ويوضح: "تشكل المساحات الطبيعية المحيطة، الطبيعة، الكثبان الرملية والواحات في العلا مصدر إلهام مهماً جداً بالنسبة إلي"، متابعاً: "ستحتضن هذه المعالم المتحف الذي سيتم بناؤه على شكل مساحة عامة، ما يجعله مختلفاً عن المتاحف التقليدية المحاطة بالجدران. وهكذا ستتحول تراسات الحدائق التي يضمها المتحف إلى صلة وصل بينه وبين الإطلالات الطبيعية المحيطة".    

وكما يدل عليه الاسم، سيستعيد متحف "طريق البخور"، الذي سيتم تأسيسه في الجديدة والذي سيضم عدداً من صالات العرض والمساحات المخصصة للتجارب الحسية والتعليمية، الذاكرة التاريخية والثقافية لطريق البخور. وهو لن يشكل دليلاً على التقاء الحضارات القديمة التي عرفتها العلا فحسب، بل سيساهم في إبراز إرثها الثقافي الذي ما زال حيّاً أيضاً. وهو يعتبر بذلك المتحف الأول في العالم المرتبط بشبكة طرق التجارة الرئيسية البرية والبحرية التي كان يتم استخدامها منذ آلاف السنين.

ومن ناحية أخرى، ستتولى غطمي تصميم متحف "الفن المعاصر"، علماً أنها وقّعت تصميم Serpentine Pavilion الذي تم افتتاحه في لندن في يونيو الماضي. وهي تشتهر بدمجها أساليب الهندسة المعمارية والفن بطريقة عفوية.  

ويتضمن مخططها في ما يتعلق بمتحف العلا الجديد إبراز جمال مساحاتها الطبيعية، واحاتها الخضراء وتكويناتها الصخرية القديمة. وهي تشير إلى أنه سيتم بناؤه على شكل أجنحة داخل حديقة ليؤمن ذلك التفاعل المبهر بين الفن والطبيعة.

وستتضمن مجموعة متحف "الفن المعاصر" الأولى عدداً من الأعمال الموقعة من فنانين ينتمون إلى مناطق تقع على ساحل البحر الأحمر، بحر العرب وشرق البحر الأبيض المتوسط.

أما المجموعة الثانية والتي سيتم عرضها تحت عنوان "القارات"، فستحمل أسماء فنانين من أفريقيا، آسيا، أوروبا، أميركا الشمالية، أوقيانوسيا وجنوب ووسط أميركا، فيما ستقدم المجموعة الثالثة عدداً من الأعمال الفنية التي تتمحور حول الأرض.

إذاً يهدف تأسيس المتحفين إلى الاحتفاء بدور العلا كمساحة للتبادل الثقافي والاقتصادي ونقطة لالتقاء الحضارات في الماضي والحاضر. 

وفي هذا السياق قالت إيونا بلازويك، مستشارة الهيئة الملكية لمحافظة العلا في مجال برمجة الفنون المعاصرة في أثناء حديث لها عن المتاحف في البندقية: "نركز على فناني القرن الـ21 الذين يأتون من المناطق المجاورة إلى هذه المساحات المميزة، أو من يقيمون صلات عميقة معها".

وبحسب المخطط، سيضيف المتحفان لمسة جمالية جديدة إلى مشاهد العلا الطبيعية. فعلى غرار المشاريع الأخرى التي يجري تطويرها في المنطقة، تهدف الخطط المعمارية الخاصة بالمتاحف إلى جعلها تنسجم مع المحيط الطبيعي، وذلك من خلال دمج أساليب البناء المعاصرة والمواد الطبيعية، الأمر الذي سيشكل إضافة مميزة إلى اللوحات الرائعة في المنطقة.