5 مبدعين يحققون أحلامهم بالفن

5 مبدعين يحققون أحلامهم بالفن

تنتمي هذه المواهب الخمس إلى أنحاء مختلفة من المملكة العربية السعودية، لتشكل جزءًا لا يتجزأ من موجة إبداعية تعيد تعريف التميّز في مجالات مثل السينما، الفن والموسيقى
13 سبتمبر 23
Abdulnasser Gharem: Capital Dome (2012)
Share

سارة طيبة

جدة

"لطالما أبديت اهتماماً كبيراً بالفن ورواية القصص. في الواقع، لا أجيد القيام بأي عمل آخر"، هي كلمات سارة طيبة التي تظهر جوهر شخصيتها: قوة، ديناميكية، وبحث عن الإبداع والأصالة.


وطيبة هي فنانة، مخرجة، وممثلة من مدينة البحر الأحمر جدة، تشتهر بأنها العقل الإبداعي الذي وقّع "جميل جداً"، مسلسل الكوميديا السوداء الذي يتوجه إلى الشباب السعودي. وبالحديث عنه تقول إنه كان أكبر مشاريعها وأحدثها. إلا أن إبداعها متعدد الأوجه ولا يتوقف عند هذا الحد، فهي تستعد حالياً لتقديم عمل جديد عبر Netflix (ما زال قيد التحضير).


انطلقت سارة في عالم الإبداع الفني في سن مبكرة، وهو ما دفعها إلى الحصول على درجة ماجستير في الفن الحر والطباعة من أكاديمية الفنون في سان فرانسيسكو. وفي العام 2015، أسست ستوديو "رسمة وكلمة"، المنصة التي تعرض رسومها وتصاميمها. ولاحقاً قامت بجولة في مختلف أنحاء أوروبا، وشاركت في العديد من الأحداث الفنية، ما ساهم في إثراء معرفتها وخبرتها.

في الواقع، لا تؤمن طيبة بالحدود، في أي اتجاه، وهو ما يساعدها على إنجاز أعمال إبداعية رائعة. ولا عجب في هذا، فهي تتحلى بالمرونة وتظهر اندفاعاً يمكّنها من الاستمرار. وهو ما تؤكده بقولها: "أؤمن كامرأة بأنه علينا رواية قصصنا بأنفسنا لأن الفن الحقيقي هو ذلك الذي يتسم بالصدق والأصالة".


ومع حلول شهر سبتمبر تعتزم الفنانة السفر لحضور فعاليات مهرجان تورنتو السينمائي الدولي، حيث ستحضر العرض الأول لفيلم "مندوب الليل" الذي تشارك فيه والذي أخرجه علي الكلثمي. كما تقوم بتصوير فيلم رعب جديد في الإمارات العربية المتحدة، ما يشكل شهادة على نشاطها الفني المستمر.


عبد الناصر غارم

الرياض


ولد عبد الناصر غارم في مدينة خميس مشيط، إلا أنه يقيم في الرياض. وقد اشتهر في عالم الفن المعاصر في المملكة وخارجها. اعتمد طريقة التدرّب الذاتي وبدأ عمله الإبداعي في قرية المفتاحة التشكيلية في أبها في العام 2003. ومنذ ذلك الحين، تمكن من تطوير قدراته الفنية إلى حد كبير، وهو يركز راهناً على الفن المفاهيمي. وقد أبدى كثر إعجابهم بأسلوبه الذي ظهر في مساحات فنية ومعارض أقيمت حول العالم، وتحديداً في نيويورك، البندقية، لندن ولوس أنجلوس، كما في أنحاء أخرى في الشرق الأوسط.


وإذ يتحدث عن مسيرته يقول: "تأثر فني بالأحداث العادية التي شهدتها حياتي العسكرية واليومية"، مضيفاً: "تقوم رؤيتي لهذه الأحداث على كشف الداخل من خلال الخارج، وهو ما أطلق عليه وصف Inscape. وينطوي عملي الفني على مرحلتين: ترتبط الأولى بالبحث عن المعرفة وبالحرص على اكتسابها، فيما تعني الثانية التنفيذ، واختيار الفن وسيلة لنقل المفاهيم والأفكار إلى المتابعين".


ويرى غارم أن أهمية العمل الفني تكمن في تفسير المشاهد له لا في نية المبدع. من هذا المنطلق، نلاحظ أن فنه يعبر عن "عمق التغيير الذي يحدث في مجتمعنا، ويصل إلى نقطة تضيء المناطق المظلمة وتخبر المشاهدين بما لا يرغبون في سماعه وبما لا يمكنهم تجاهله في الوقت عينه".


ونشير إلى أن الفنان أسس في العام 2013 ستوديو غارم، وهو منظمة غير ربحية تدعو الفنانين، من الأعمار كافة، إلى التعلم، الإبداع، المشاركة وتبادل الأفكار. وهو يتحدث عنها قائلاً: "هي مساحة تتيح للفنانين أن يكونوا صادقين مع أنفسهم"، ويتابع: "ما نفعله هنا هو أننا نحاول مساعدة الرواد على التركيز على الحمض النووي الخاص بثقافتهم. فهم يحتاجون إلى الحفر وإلى استكشاف ذواتهم".


زهرة الغامدي

الباحة

هي فنانة متخصصة في مجال الفنون البصرية، تعمل أستاذة مساعدة في كلية التصاميم والفنون في جامعة جدة. وتركز من خلال إبداعاتها على الأعمال التركيبية التي يتم دمجها غالباً مع مناظر طبيعية في السعودية وخارجها، علمأً أنها مستوحاة إلى حد كبير من تجارب تعيشها النساء.


وتقول في هذا الصدد: "يبدو عملي مشبعاً بالمشاعر والعاطفة"، مضيفة: "رغم طرق العمل المختلفة التي تفرضها إبداعاتي، أرى أنها تتفق، بشكل أو بآخر، على التعبير عن مفهوم الذاكرة. وهي تعمل على استكشاف العواطف المرتبطة بالهوية، التاريخ، الفقد، ورواية القصص. لقد حالفني الحظ فعلاً إذ تمكنت من ملاحظة ردود أفعال الناس الذين تابعوا مسيرتي الفنية".


في العام 2019 تم اختيار الغامدي لتمثل المملكة العربية السعودية في بينالي البندقية الـ58، وهناك عرضت عملاً تركيبياً احتوى على 52000 ألف قطعة من الجلد واستوحته من عناصر عضوية تنتمي إلى مكان نشأتها في الباحة، وأضافت إليه بعض الزخارف العسيرية. وقدمت عرضها تحت عنوان "بعد توهم"، علماً أنه يذكر بأجواء قصيدة تعود إلى القرن السادس كتبها زهير بن أبي سلمى.


وفي العام 2020، شاركت الغامدي في أول معارض "صحراء X العلا" حيث قدمت عملاً استخدمت في تركيبه 6000 حاوية تمر مصنوعة من الصفيح بأحجام مختلفة وتم عرضها على رمال العلا لتمثل حركة مياه النهر. ومؤخراً أوكلت إليها مهمة التصميم الفني لواجهة حي جميل.


وتشير الغامدي إلى أنها تستوحي أعمالها من الباحة، مسقط رأسها، ومن الأرض، وتقول: "بالنسبة إليّ الأرض هي الحياة بعينها. فنحن نعيش عليها، نأكل منها، ونقيم ضمن حدودها. وحين تشعر الأرض بالضيق، يحس العالم بالاختناق، وحين تتنشق الهواء، نشعر بالأمان. فالأرض هي الأمان والاطمئنان، هي منزلنا".


عبد المحسن آل بن علي


الدمام

يتحدر عبد المحسن آل بن علي من المنطقة الشرقية، وهو فنان متعدد الاتجاهات يستخدم ببراعة وسائط ومواد فنية مختلفة، منها الطين والمعادن والخشب إلى جانب الوسائل الرقمية التي يلجأ إليها لإنجاز إبداعات ذات صلة بالطباعة، الكولاج، الفيديو، الرسم والأعمال التركيبية التفاعلية.

وإذ يتحدث عن اتجاهاته الفنية يقول: "يعبر عملي عن الطبيعة وعن رؤيتنا لها وكيفية ترجمتنا لهذه الرؤية من خلال ثقافتنا"، ويتابع أنه أبدى اهتمامه في البدء بالأشكال المرتبطة بالطبيعة التي تظهر في الأعمال الحرفية مثل السجاد، مضيفاً: "بعد ذلك بدأت التركيز على موضوع الحديقة، وعلى كيفية استخدامنا العناصر الطبيعية وقيامنا بإعادة تنظيمها على طريقتنا الخاصة، أي بطريقة جمالية تعكس رؤيتنا للطبيعة".


أطلق عبد المحسن مسيرته الفنية بعد انتقاله إلى المملكة المتحدة في العام 2008 حيث بدأ ممارسة فن الرسم. وفي العام 2013، غادر إلى الشارقة، في الإمارات العربية المتحدة، وقدم أعمالاً فنية وتابع أبحاثه بالتعاون مع عدد من المؤسسات الفنية، ومنها "تشكيل" وجمعية الإمارات للفنون التشكيلية. كما التحق بدورات فنية نظمتها كلية الفنون في الشارقة. ولاحقاً سافر إلى نيويورك حيث حصل، في العام 2018، على درجة البكالوريوس في الفنون الجميلة من School of Visual Arts.


وبعد مشاركته في فعاليات فنية أقيمت في العاصمة الفرنسية باريس، في الدمام والرياض في إطار "إقامة مسك للفنون"، تابع آل بن علي مسيرته الأكاديمية في Slade School of Art التابعة لـ University College London، وحاز شهادة الماجستير في الفنون الجميلة في يونيو 2023.


وعن أعماله الفنية الأخيرة يقول: "خلال العامين الماضيين، تناول عملي الفني مفهوم الفولكلور والتقاليد الشفهية المتبعة في السعودية وفي شبه الجزيرة العربية، وذلك بالتزامن مع عرض قدمته في معرض دراستي للحصول على شهادة الماجستير في الفنون الجميلة، وأبحاث قمت بها في إطار "منحة مسك للفنون"، ومشروعين آخرين. في الواقع أهتم بشكل خاص بسيناريوهات ولحظات يتضمنها الفولكلور وأعيد تشكيلها".


ونشير إلى أن الفنان سيشارك في نوفمبر 2023 في النسخة الجديدة من "نور الرياض"، كما سيقيم أول معرض فردي له في يناير 2024 في الكويت.


محمد خوجة

الخبر


حين نتحدث عن محمد خوجة، لا بد من أن نتذكر علامة الأزياء "هندام"، فهو مؤسسها ومصمم الرؤية التي أراد التعبير عنها من خلالها. ويشكل الاسم جزءًا لا يتجزأ من التاريخ، فـ"هندام" هي كلمة عربية قديمة تستخدم منذ مئات السنين وتعني "امتلاك الشكل المثالي المنسّق بطريقة جميلة". وهذا بالتحديد ما يحاول خوجة التعبير عنه من خلال علامته.

وهكذا نلاحظ أنه يحرص على تصميم الملابس الجاهزة متعددة الألوان، الجريئة على مستوى القصات والأشكال، والبسيطة معاً.
وفي هذا السياق يقول: "كمبدع أعتمد نهجاً متعدد التوجهات، لذا لا أقوم بتصميم الأزياء فقط، بل أصمم الأثاث، المقتنيات، وأشكالاً فنية متنوعة أيضاً".


من هذا المنطلق، يتحدث خوجة عن إبداعه الموسيقي، إذ يرى أنه يمكن التمتع بالمرونة على مستوى التعبير الفني، ما يعني عدم الاهتمام بمجال إبداعي واحد دون غيره. ورغم هذا يلفت إلى أنه يفضل الموضة كمجال للتعبير الإبداعي، مضيفاً أن الأزياء هي أكثر أشكال الفن جاذبية.


وتستند رؤيته بشكل أساسي على مزج مظاهر الثقافتين الشرقية والغربية، وهو ما يشير إليه بقوله: "استوحيت "هندام" من دمج العناصر الشرقية والغربية، ومن إضافة أشكال عصرية إلى عناصر ثقافتي التقليدية".


ربما يتحدث هنا عن تلك التصاميم التي تتميز بطابع خليجي تقليدي وتذكّر بالسفر إلى الفضاء والهبوط على سطح القمر في العام 1969. وهو لا يتنازل عن الإيحاءات المحلية، ما يظهر واضحاً من خلال سترات النايلون السوداء التي تتميز بأشكال فلكية مطرزة بخيوط ذهبية، والقمصان المزينة بالخط العربي.


وإذا أردنا التحدث عن قطع أخرى، لا بد من أن نذكر سترة A Certain Planet التي صنعها من الكشمير بالتعاون مع الفنان المقيم في كيوتو Ikegami Yoriyuki. وتعكس هذه القطعة وغيرها التحديات التي يواجهها عالمنا اليوم مثل تغير المناخ.

ونشير إلى أن خوجة قدم مؤخراً تصاميمه ضمن حدث نظم تحت عنوان Emerge مباشرة قبل بدء عروض أسبوع الهوت كوتور في باريس Paris Haute Couture Week. وشكل هذا الحدث الذي استضافته هيئة الأزياء السعودية ووزارة الثقافة مناسبة لعرض أعمال المصمم إلى جانب إبداعات 15 مصمماً من المملكة.


وإذ يصف محمد خوجة أعماله يقول: "تشكل مجموعاتي أيضاً سيرتي الذاتية لأنني ابن للثقافة نشأ في أماكن مختلفة وما زال يرتبط إلى حد كبير بجذوره الثقافية"، مضيفاً: "تمثل "هندام" هذا المزيج خير تمثيل".