الإبداع بين مد وجزر: هنا تستمتع بالفن في جدة

الإبداع بين مد وجزر: هنا تستمتع بالفن في جدة

في كل زاوية في مدينة جدة، تنشأ وتنمو مجموعة من المواهب الجديدة، لتساهم في إغناء المشهد الإبداعي السعودي
01 يناير 24
ATHR Gallery, Jeddah
Share

منذ آلاف السنين، حمل بحر جدة كثيراً من التجار والحجاج الباحثين عن ميناء آمن، وقد أعاد حضورهم تشكيل المشهد الثقافي والاجتماعي والسكاني في المدينة. 

ويظهر ماضي جدة الحيوي في شوارعها التي تحولت ، مع مرور الزمن، إلى معرض فني في الهواء الطلق. ففي إطار متحف جدة للمجسمات، تُعرض على الكورنيش إبداعات قام بتجديدها النحات الإنكليزي هنري مور والفنان التشكيلي والرسام الإسباني خوان ميرو وآخرون. وفي المقابل تعرض مساحة جدة آرت بروميناد منحوتات وأعمالاً تحظى بإعجاب عشاق الفن من مختلف الأجيال. 

ومن شوارع المدينة يمكن العبور إلى صالات العرض التي تقدم مشهداً فنياً شديد التنوع. ولا بدّ من أن نذكر في هذا السياق إحدى المساحات الفنية الأكثر شهرة فيها، أي غاليري أثر. فأثناء زيارتها يمكن استكشاف مجموعة كبيرة من أعمال الفنانين مختلفي الاتجاهات، ومنهم سارة عبده وأحمد ماطر. كذلك تثير مساحة "أكثر" من أثر اهتمام كثير من عشاق الفن من خلال تقديمها إبداعات تجريبية تهدف إلى تشجيع الفنانين على استخدام مواد ووسائط فنية جديدة، مثل تلك المرتبطة بالتكنولوجيا الحديثة. 

ويعتبر حي جميل، الذي تبلغ مساحته 17000 متر مربع، موطناً لمختلف أنواع الفنون. فهو مجتمع فني يتيح اللقاء بين المدارس الإبداعية – الفنية، الموسيقية، السينمائية والمعمارية- علماً أنه يمكن الوصول إليه بسهولة. 

وتشهد نواحي أخرى من المدينة السعودية عروضاً مختلفة أيضاً، ومنها معرض مداد آرت، المساحة الفنية الشهيرة حيث تبذل الجهود الهادفة إلى تطوير المواهب الشابة من خلال تنظيم ورش عمل وفعاليات مختلفة. 

وفي السياق نفسه تساهم حافظ جاليري، من خلال الاحتفاء بالمواهب المحلية، في إغناء المشهد الفني السعودي. وتشكل برامجها، معارضها وفعالياتها الفنية مكان نشأة العديد من الفنانين. أما روشان جاليري فتقدم لعشاق الإبداع مجموعة من الأعمال المميزة. وهنا يعرض مبدعون سعوديون مثل المصورين الفوتوغرافيين فيصل سمرة وشادية عالم أبرز أعمالهم. ولا ننسى معرض نسمة آرت الذي يشكل منصة للفنانين المحليين، إذ يوفر لهؤلاء مساحات لعرض أعمالهم التجريدية وصورهم الفوتوغرافية.  

وبالحديث عن المعارض المتخصصة، لا بد من الإشارة إلى مساحات عرض جماعية، ومنها مثلاً المركز السعودي للفنون التشكيلية الذي يعتبر إحدى المؤسسات الفنية البارزة في المدينة والذي ينظم منذ ما يقرب من 25 عاماً دورات للكبار والصغار. وفي هذا الإطار يؤمن استوديو حي مساحات للإقامات الفنية والمشاريع الجماعية. أما حي التعليم فهو مكان لتعلم الفنون البصرية والسينمائية ولتنمية الإبداعات في مجالات الطهو، الموضة والكتابة. كما يجذب مركز أدهم للفنون اهتمام كثير من محبي الفنون على أشكالها، فهو معرض معاصر يجمع المبدعين والهواة والمشترين.    

وإلى جانب هذه المعارض الكبرى، توفر جدة مساحات أخرى لعرض بعض الإنجازات الفنية، مثل المقاهي، والمتاجر ذات المفهوم الخاص والتي تسعى إلى احتضان المواهب المحلية. ونذكر منها مثلاً مساحة تحريك حيث يمكن حضور ورش العمل الفنية والمشاركة في جلسات اليوغا أو الجلوس في المقهى، وحيث يمكن الفنانين الناشئين استئجار مساحة لعرض أعمالهم.  

إذاً يمكن وصف جدة بأنها مدينة الفنون التقليدية والمعاصرة، بل أيضاً بأنها ذلك الشاطئ حيث تهب رياح الفن وتتكسر أمواج المواهب الجديدة باستمرار.