البادل: رياضة تنافس التنس على الملاعب السعودية

البادل: رياضة تنافس التنس على الملاعب السعودية

تشهد مدينة جدة تزايداً ملحوظاً في عدد محبي لعبة البادل وممارسيها ومحترفيها، لتصبح المنافس الأكثر قوة للعبة التنس العريقة
28 يناير 24
Coach Zoulfiqar Ahmad on the Growth of Padel
Share

رغم أن لعبة البادل تشبّه إلى حدّ كبير كرة المضرب أو التنس لناحية استخدام الكرات وشكل الملعب، يمكن القول إن بين اللعبتين اختلافاً واضحاً، إذ تحيط بملعب البادل أربعة حواجز أو جدران تصطدم بها الكرات قبل أن ترتد إلى مساحة اللعب. ويتسم لاعبو البادل بأنهم أكثر سرعة من لاعبي التنس. ويعني هذا أن كلاً منهم يوجه إلى خصمه ضربات أكثر كثافة، مستخدماً مضرباً من دون شبكة. ولا تساعد هذه الرياضة على تحسين مستوى اللياقة البدنية فحسب، بل إنها تعتبر نشاطاً اجتماعياً ممتعاً أيضاً.  لذا، لا عجب في أن يزداد عدد عشاق اللعبة التي يمكن تعلمها بسهولة والتي باتت من الرياضات الأسرع انتشاراً في العالم (أكثر من 25 مليون لاعب محترف في أكثر من 110 دولة، وفقاً للاتحاد الدولي للبادل).

وقد واصلت لعبة البادل نموها السريع في المملكة العربية السعودية أيضاً، حيث باتت تحظى باهتمام عدد كبير من عشاق الرياضات المختلفة خلال العامين الماضيين. وفي هذا السياق تساهم هذه الرياضة في إعادة تشكيل المشهد الرياضي وتعزيز تنوعه في جدة حيث بدأت تجذب جمهوراً كبيراً وتنافس لعبة التنس.

وللحديث عن البادل التقينا ذو الفقار أحمد، المؤسس الشريك لأول نادٍ للبادل في جدة: B-padel ومدرّب التنس المحترف الذي يبدي شغفاً بهذه الرياضة. وإذ يُشتهر  بارتدائه سراويل الكارغو القصيرة والقمصان البسيطة وبشاربه المميّز، يجذب المدرب الاهتمام بسمات شخصيته التي تحظى بإعجاب كثير من الأشخاص أيضاً. ولا بدّ لي من أن أذكر أنه قام بتدريب عمي.

في العام 1984 انتقل المدرب، باكستاني الجنسية، إلى جدة للعمل مع القوات الجوية الملكية السعودية كمدرّب للتنس. وتمكّن، بفضل موهبته الفذّة، من خوض منافسات البطولات الوطنية والمسابقات التي تقام في مختلف أنحاء السعودية.

ونشير إلى أن شغف أحمد بكرة المضرب ظهر عندما كان في الرابعة من عمره. حينها كان يشاهد جدّه وهو يقوم بعمله كمدرّب تنس في باكستان، وهذا ما عمّق ارتباطه بهذه الرياضة التي تحولت لاحقاً إلى جزء لا يتجزأ من حياته اليومية.

وفي هذا السياق، يقول اللاعب والمدرّب البالغ من العمر 63 عاماً: "ما أن تبدأ اللعب وتحبّ لعبة التنس، لن تتمكن من التوقف عن ممارستها، بل إنّك ستذهب إلى الملعب وإن كنت مريضاً. وهذه اللعبة تساعدك على تجديد نشاطك الذهني أيضاً. وهكذا تنسى كل ما يحدث حولك في هذا العالم".  

ويشير ذو الفقار، وهو يقف حاملاً سلة تحتوي على عدد من كرات التنس في الملعب الأخضر المفتوح تحت سماء زرقاء صافية، إلى أن رياضة التنس تساهم في بناء العلاقات الجيدة. ويلفت إلى أنه تمكن، خلال 39 عاماً أمضاها مدرباً في جدة، من التعرّف إلى كثير من الأشخاص. 

ويوضح المدرب المحترف أن لعبة التنس أكثر هدوءاً وأقل حيوية من البادل، ويقول: "أثناء ممارسة لعبة البادل يمكنك التحدث إلى الآخرين، الضحك، بل أيضاً الاسترخاء. وهو ما لا تتيحه لك لعبة التنس حيث تنتهي ما أن يسدد أحد اللاعبين ضربة إرسال جيدة أو ضربة حاسمة. أما لعبة البادل فلا تنتهي بسرعة. وحين تصطدم الكرة بالحائط وترتدّ إلى الملعب، يمكنك اللعب مجدداً."

بدورها تستمتع ليلى السليمان، لاعبة التنس والبادل، باللعبتين وتجد أن لكلّ منهما خصائصها ومميزاتها. وتشير إلى أنها بدأت رحلتها الرياضية منذ الصغر وأن هذه الرحلة ساهمت في تنمية قدراتها ومكّنتها من استيعاب بعض المفاهيم: كيفية تحقيق الهدف، المنافسة، القيادة، الربح والخسارة، روحيّة الفريق، والصحة. ويشار إلى أن ليلى تعرّفت على رياضة البادل منذ ست سنوات بفضل عمها. وقد بدأت بممارستها عندما تم افتتاح نادي B-Padel في العام 2022. ومع مرور الوقت، أصبحت اللعبة الرياضة المفضلة في أوساط عائلتها وأصدقائها أيضاً.

وحين تتحدث اللاعبة عن تجربتها تقول: "لا بّد من الاعتراف بأن لعبة البادل تفوقت على التنس. فهي ليست مجرّد لعبة، بل أسلوب حياة، وكلما مارستها أكثر، أدركت أنهما لعبتان مختلفتان تماماً".

وتوضح الشابة أن البادل تجمع مهارات التنس والاسكواش وتركّز على الاستراتيجية، لافتة إلى أنها تتطلب البراعة، لا القوة، في التعامل مع الكرات ومع ارتدادها إلى الملعب بعد اصطدامها بالجدارن، في حين أن لعبة التنس، تجمع الاستراتيجية والتقنية والقوة.

وتضيف ليلى أنه يمكن الأشخاص غير الرياضيين ممارسة لعبة البادل، لأنها تتطلب استخدام مضرب وكرات خفيفة الوزن". وتتحدث أيضاً عن قدرتها على اللعب بمهارة دون أن تتعرق، وتضيف: "عندما تختار مكانك الصحيح في الملعب، فلن تضطر إلى الركض والتعرّق".

ونذكر أن اللاعبة شاركت في مسابقة البادل ضمن دورة الألعاب السعودية للعام 2023 من دون أن تتمكن من التأهل. وتعليقاً على ذلك تقول: "كانت التجربة ممتعة. فمن الرائع أن تلتقي لاعبي البادل الآتين من مختلف أنحاء السعودية والمنطقة. أعتقد أن المنافسة ستزداد وأن المواهب ستصبح أكثر حضوراً على أرض الملعب في السنوات المقبلة".

ويؤكد محمد بن صقر، المالك والمؤسس الشريك لـB-Padel، أن النادي انطلق على أرض ملعبين، وأنه أصبح أكثر اتساعاً بعد مرور أقل من ثمانية أشهر على بدء العمل حيث تمّت إضافة ملعبين آخرين. ويذكر أن النادي يضم راهناً تسعة ملاعب تتميّز بأرضيات زرقاء وبزجاج شفاف، إضافة إلى أكاديمية للتدريب تعتمد على خبرات مدربين محترفين. ويتابع: "تساعد هتافات اللاعبين وصيحاتهم على إثارة الشعور بالحماس في أوساط روّاد النادي، وفي هذه الحالة تتحوّل الملاعب إلى مساحات للتفاعل الحر بين اللاعبين والمتفرجين، ما يجعل اللعبة فرصة مثالية للقاء بعد أيام العمل الطويلة".

وبحسب بن صقر " يستقبل النادي من 90 إلى 120 شخصاً في المتوسط يومياً، إذ يأتي بعض الأشخاص ضمن مجموعة تتألف من ستة أفراد ويتناوبون على اللعب، فيما يأتي آخرون مع مجموعات من أربعة أشخاص، كما يؤم المكان بعض الأفراد ليشاهدوا أصدقاءهم وهم يخوضون المنافسة". 

إذاً تتطور لعبة البادل بسرعة في المملكة لتجذب عدداً متزايداً من المهتمين، وهو ما أدى إلى إدراجها ضمن برنامج دورة الألعاب السعودية للعام 2023. ولا شك في أن الكلفة غير المرتفعة لحضور المباريات تساهم في تزايد شعبية اللعبة، إذ تراوح أسعار حجز الملاعب لأربعة لاعبين أو أكثر في B-Padel بين 330 و390 ريالاً سعودياً.

ورغم الاهتمام المتزايد بلعبة البادل في جدة، إلا أن ذو الفقار لا يشعر بالقلق بشأن مستقبل التنس في المدينة. وتحدث في هذا السياق عن كأس موسم الرياض للتنس 2023 الذي انطلق في إطار فعاليات موسم الرياض حيث جرت المباريات يوميّ 26-27 ديسمبر بمشاركة أشهر لاعبي التنس العالميين مثل الإسباني كارلوس ألكاراز والصربي نوفاك ديوكوفيتش.

ويتابع المدرب قائلاً إن "الأشخاص الذين يلعبون التنس، يمارسون البادل على سبيل التسلية، لكنهم يلعبون التنس مجدداً، إذ لا يمكنهم التوقف عن ذلك بشكل نهائي"، لافتاً إلى أنه يراقب متدربيه فيدرك الفرق بين اللعبتين، ويتوجه إلى هؤلاء قائلاً بأسلوب طريف: "أعلم أنكم تلعبون البادل، ولن أعلمكم التنس".

تصوير: طلال الأفندي

إنستغرام نادي بي بادل: bpadel.sa@

الموقع الإلكتروني: b-padel.sa