متجر أبو فيصل

متجر أبو فيصل

التحفة الحيّة في سوق الزل بالرياض
27 فبراير 24
Abou Faisal: Souk Al Zal, Riyadh
Share

يقع سوق الزل بمدينة الرياض على بعد أمتار قليلة من قصر المصمك التاريخي، تتقاطع في تلك المنطقة التاريخية حكايات كثيرة وقصص تروي عراقة المملكة وعاصمتها الرياض، فيما يشكل التجوّل في سوق الزل تجربة مليئة بالمشاعر الإنسانية، والتي قد تصل إلى أعلى درجاتها عند مرورك بالقرب من متجر شواطئ الحجاز للأجهزة الكهربائية، أو ما يشتهر بمحل "أبو فيصل".

ستقف أمام هذا المتجر مدهوشاً بسبب فوضويته الكبيرة لتشعر وكأنك تقف أمام لوحة فنية من المدرسة التجريدية، إذ يغيب الترتيب تماماً، وتحضر العشوائية بكل تفصيل من تفاصيله، فالبضائع مكدسة ومعلقة ومرمية على الجانبين الأيمن والأيسر مما يجعل دخول المكان تحدياً بعض الشيء، فلا يمكن إلا لشخص واحد الدخول نظراً لعرض المتجر الضيق أساساً والبضائع المكدسة على الطرفين.

يعرض أبو فيصل الماضي والذكريات على شكل سلع قد لا تمثل أي قيمة للبعض وتمثل كل شيء للبعض الآخر. إن أخذك الحنين يوماً إلى بيت جدك قبل ثلاثين عاماً، فربما ستجد قبساً من ذلك الماضي لدى أبي فيصل، فمن أجهزة الهاتف القديمة التي تعود بشكل مؤكد إلى حقبة ما قبل الجوالات، إلى قطع السيوف والمسدسات البالغة القدم، وصولاً إلى لوحة سيارة سعودية قديمة تابعة إلى شركة أرامكو ولوحة أخرى (خصوصي – الدمام)، قد تجد كل شيء أو -ربما- لا شيء.

يروي أبو فيصل قصة هذا المتجر بالقول: "لقد أسسته قبل أكثر من 20 عاماً، وكان هذا المتجر بالأصل مختصاً بالأدوات الكهربائية، ثم حولته إلى متجر تحف تقريباً".  بالفعل ستراودك أفكار متضاربة عند محاولتك لتصنيف محل أبي فيصل فلا تدرِ ضمن أي تصنيف تضعه، فلا هوية واضحة يملكها المحل ولا رابط واحد يجمع طبيعة البضائع المعروضة.

وفي خضم فوضى البضائع الملقاة يمنةً ويسرى ستجد ذلك القناع القديم الذي كان يستخدم عادةً في الحروب الكيماوية أو الجرثومية، مرمياً بطريقة مهملة إلى جانب أحد أجهزة الهاتف ذات القرص الدوار.  لا يستطيع أبو فيصل تحديد أقدم قطعة لديه، فهو يعتبر بأن المتجر كله تحفةٌ قائمةٌ بحد ذاتها. أمسكت مسدساً قديماً جداً، أو ما كان يسمى في زمانه بالطبنجة، وإلى أسفله كان هناك مجموعة من السيوف العتيقة التي لا تدرِ متى آخر مرة غادرت فيها غمدها! فأبو فيصل لا يملك تفاصيل كثيرة عن الأشياء التي يعرضها كعمرها الزمني أو تاريخها أو أية تفاصيل أخرى عنها.

يصف أبو فيصل بأن زيارة متجره تجلب السعادة للزوار عادةً، فمن عايش الحقبة الزمنية لاستخدام بعض معروضاته  - مثل أجهزة الراديو والهاتف والكاميرات القديمة - سيأخذه الحنين إليها فور مشاهدته لها، لذا فهو يستقبل الكثير من الزوار في محله ممن يأتون لمشاهدة القطع المعروضة فقط دون شرائها. ويضيف: "نستقبل الكثير من السياح الأجانب في سوق الزل، وفي محلي هذا، والذي يجذبهم كثيراً ويستمتعون بمشاهدة البضائع المعروضة وقضاء وقت طويل في معاينة السلع لدرجة ينسون فيها أنفسهم"

على الرغم من أن بعض السلع عليها لصاقات السعر، إلا أن الغالبية العظمى مخفية السعر، ولدى سؤالنا لأبي فيصل عن وسطي الأسعار، أوضح بأن بعض معروضاته لا سعر واضح لها، وغالباً ما يكون التسعير بناءً على مقدار رغبة المشتري بالقطعة وشيء من المفاوضات بينهما. فلكل قطعة قيمة مختلفة عن الأخرى.

إن زرتم يوماً سوق الزل بالرياض، فأنصحكم بزيارة متجر أبي فيصل، هذه الجوهرة المخفية بجانب قصر المصمك التاريخي.

ولأن أبا فيصل لا يملك حساباً لمتجره على الإنستغرام إليكم عنواناً حقيقاً له:

سوق الزل، محل رقم 56 - الاسم التجاري: شواطئ الحجاز  للأدوات الكهربائية.