فاطمة البنوي محطات إبداعية على طريق الرحلة التالية

فاطمة البنوي محطات إبداعية على طريق الرحلة التالية

هي ممثلة، مخرجة، كاتبة، مؤسسة مسرح، ومؤلفة. في الواقع، تعيش هذه النجمة المولودة في جدة سباقاً مع الوقت. فما الذي حققته وما الذي تحلم بتحقيقه؟ وما الوجهة السعودية المفضلة لديها؟ الإجابات في هذا اللقاء
14 مارس 24
Fatima Al Banawi Image source: Ashraf Faden
Share

تشمل حياة فاطمة البنوي ومسيرتها المهنية العديد من المحطات المهمة. فقد تعرف إليها معظمنا من خلال مشاركتها في أول فيلم سعودي كوميدي، أي فيلم "بركة يقابل بركة" الذي عرض في العام 2016. وكان هذا العمل أول فيلم سعودي روائي طويل يتم عرضه ضمن فعاليات مهرجان برلين السينمائي الدولي، والثاني الذي يمثل المملكة في منافسات جائزة الأوسكار.

وفي العام الماضي التقينا البنوي أثناء ظهورها في "الهامور ح.ع."، الفيلم السعودي الذي انضم إلى القائمة القصيرة لجوائز جوي أوردز، وحقق نسبة مشاهدة عالية بعد عرضه على نتفلكس في العام 2023، ورشح للمنافسة على جائزة الأوسكار 2024. وقبل هذا أثار اهتمامنا حضورها المتميز في أول عرض عربي الهوية على المنصة نفسها: Paranormal أو "ما وراء الطبيعة".

إلا أن إنجازات البنوي لا تقتصر على عالم السينما، فقد تابعت دراستها في مجال الإرشاد النفسي في جامعة عفت في جدة، تخصصها في اللاهوت في جامعة هارفرد، وفي الرسم الزيتي في معهد متحف الفنون الجميلة، في بوسطن، ماساشوستس. كما أسست مسرح فرع المضطهدين في جدة. وهناك أطلقت أيضاً مشروع "القصة الأخرى" الذي يجمع نحو 5000 قصة حياة قابلة للتحول إلى إنتاجات سينمائية، ومنها فيلمها القصير الخاص "في غمضة عين". وانطلاقاً من مهارتها في جمع القصص السعودية وكتابتها، تم إدراج اسمها على لائحة قادة الجيل القادم التي أصدرتها مجلة تايم الأميركية في العام 2018. ولنعرف المزيد عنها، التقيناها وسألناها عن مشاريعها المقبلة وعن الأماكن التي تحب زيارتها في السعودية وعن تلك التي تثير إعجابها.

سينما وفن

برأيك، ما الحدود التي يجب أن تتخطاها السعودية في عالم صناعة الأفلام؟

شهدت صناعة الأفلام في المملكة تغييراً مهماً جداً في السنوات الأخيرة. ولا بد من أن أتحدث في هذا السياق عن رفع الحظر عن السينما، وعن حراك صنّاع الأفلام المحليين الذي يقدمون كل ما لديهم من إبداع، وأفكار وأحلام. فأكثر ما يسعدني هو أنني أشهد على ذلك وأشارك في زيادة عدد الأفلام السعودية التي يتم إنتاجها وفقاً لمعايير عالية بهدف جذب اهتمام المشاهدين في البلاد وخارجها.  

أما ما أطمح إلى تغييره، فهي طبيعة الأعمال السينمائية التي تصنعها نساء: فهي ترتبط إلى حد كبير بقصص نسائية يهتم بها جمهور النساء فقط. لذا، أرى أن على المخرجة أن تضيف لمستها إلى أي قصة، وأن ترويها بطريقتها الخاصة أو بأي طريقة تراها مناسبة لذلك. وأعتقد أن المرأة السعودية ستتمكن، في غضون 10 سنوات، من تحقيق ما تمكنت المرأة، في الولايات المتحدة الأميركية وفي دول الجوار مثل مصر، من تحقيقه في السنوات المئة الماضية.  

ما سرّ نجاح فيلم الهامور ح.ع. برأيك؟ وما الذي جعله مختلفاً عن الأعمال الأخرى؟

هو عمل محلي! ينطوي على الحنين! هو عمل مألوف! في الواقع، يجب أن تكون محلياً كي تتمكن من الانتقال إلى العالمية. ويجب أن تتناول ما هو خاص لتصبح عالمياً. ولا بد لي من الإشارة إلى أحد أسرار النجاح الكبير الذي حققه العمل: تناوله قصة حقيقية، قصة أحد أبرز الفنانين المخادعين في تاريخ البلاد، بأسلوب درامي بل كوميدي. كذلك، أرى أن الدعم الذي تلقاه العمل على المستوى الإنتاجي شجع العقول المبدعة على الحلم وعلى الوصول إلى أعلى القمم. لذا، لا أخفي أنني ما زلت أظهر تأثري وإعجابي بالصور، الموسيقى، نوعية الإنتاج، كما بالبراعة الإخراجية التي يتمتع بها مخرج العمل عبد الإله القرشي.    

أشار بعض المتابعين إلى أن هذا العمل يشبه إلى حد كبير فيلم "ذئب وول ستريت". فهل ترين بدورك أي وجه شبه بين شخصية جيهان التي قمت بأدائها والشخصية التي أدتها الممثلة مارغو روبي في الفيلم الأجنبي؟

للإجابة على هذا السؤال، أشير إلى أنني لاحظت، منذ قرأت نص الهامور ح.ع. للمرة الأولى، أنه جديد، وأنه معدّ ببراعة وذكاء. وأكثر ما أثار اهتمامي هو أنه أعاد إليّ ذكريات مراهقتي، وصور فتيات جدة اللواتي كنت ألتقيهن في مراكز التسوق والشوارع والمنتجعات الشاطئية، واللواتي تميزن بذكائهن وصفات شخصياتهن. فقد شكل هذا مصدر إلهام رئيسي بالنسبة إليّ.

في الواقع، أبهرني عالم جيهان المعقد، حتى أنني قلت للمخرج حينها: "لا تحب جيهان أن يناديها الناس باسمها، فهي جي جي!". وقد لا تصدق أن بعض من شاهدوا العمل ما زالوا لا يعرفون ما الذي يعنيه اسم جي جي.

حين قرأت النص عرفت أنه سيخطف قلوب المشاهدين،  فقد خطف قلبي من خلال القصة، الحوارات، مواقع التصوير، والتفاصيل التي ترتبط إلى حد كبير بمجتمعنا.

وماذا عن فيلم "بسمة" الذي توليت بطولته وتأليفه وإخراجه؟

لقد دخلت إلى عالم السينما كممثلة بعد ظهوري لسنوات على خشبة المسرح. وهكذا أصبحت أنتمي إلى هذا العالم، وأطمح إلى تحقيق ما أتيت من أجله: القصص. فلطالما حلمت بأن أتمكن من روايتها عن طريق السينما أو المسرح. أردت ذلك وإن كان عليّ أداء ثلاث مهمات في الوقت عينه، وإن قمت بذلك بالتزامن مع انطلاقي في مجال الإخراج.

أما "بسمة" فقد شكل نقطة لقاء بين عالميّ: دراستي الأكاديمية في مجال علم النفس، وارتباطي الوثيق بالإعلام والفنون. وهو من نوع الدراما العائلية، إذ يتناول قصة امرأة تعود إلى منزلها بعد انتهائها من متابعة دراستها في الخارج. وحينها يتعين عليها أن تواجه العديد من الحقائق القاسية غير المتوقعة والتي ترتبط بالمقربين منها. وقد تم إعلان فكرة العمل خلال الدورة 78 لمهرجان فينيسيا السينمائي الدولي. وحصل على كثير من الدعم أثناء تصويره. فقد تلقى عروض تمويل من مصادر مختلفة، منها صندوق البحر الأحمر. وأخيراً تم إدراجه على لائحة  أفلام نتفلكس حيث سيتم عرضه في وقت ما من هذا العام.   

رحلات

ما وجهتك المفضلة في المملكة العربية السعودية؟

بالطبع، هي جدة، مدينتي، وموقع الاستديو الخاص بي. وهو مكاني الآمن حيث يمكنني التعاون مع مبدعين آخرين من أجل الغوص إلى أعماق خيالنا، واستكشاف المناطق المجهولة في أفكارنا وكتاباتنا، وبناء شخصيات مستقاة من محيطنا ومن حياتنا الواقعية، ومن أجل الذهاب إلى أماكن لم نتمكن من الوصول إليها من قبل. سأشعر دائماً بالامتنان تجاه هذا المكان حيث حرصت على نقل معرفتي وتجربتي إلى الآخرين، وحيث تمكنت من تعلم الكثير من خلال لقاءات عقدتها مع مبدعين ناشئين فرضوا عليّ بعض التحديات، وتمكنوا من تحقيق النجاح إلى جانبي. 

ما الوجهات التي تدعين الوافدين الجدد إلى السعودية لزيارتها؟

بغض النظر عن الوجهات التي يدعو غوغل الجميع لزيارتها، أنصحك بألا تفوت تجربة تناول وجبة ما إلى مائدة إحدى العائلات السعودية في منزلها. كذلك لا بد لك من الذهاب إلى البحر الأحمر لتستمتع بروعة مياهه الكريستالية. في الواقع، أعتقد أن لدي قوائم يمكنها إرشاد الأشخاص الذين يقصدون مدينتي للمرة الأولى. قد أقوم بنشرها عبر موقع viakonnect.com. بالفعل، تحظى مواقع السفر المحلية بدعمي وإعجابي.  

هل يمكنك أن تحدثينا عن إحدى رحلاتك؟

بالطبع، سأتحدث عن رحلتي الأخيرة إلى المالديف حيث قمت بالغطس إلى جانب أسماك الراي اللاسعة في المحيط. فقد كانت تسبح وتتمايل على مقربة منا. كان المشهد رائعاً، لقد بدت أشبه بسفن فضائية. وكانت تقترب منا قبل أن تغادر بسرعة وتتوارى عن الأنظار. كانت تجربة رائعة وأتمنى ألا أنساها يوماً.

تم عرض فيلم الهامور ح.ع. في صالات السينما السعودية وعلى منصة نتفلكس حيث حقق نسبة مشاهدة عالية جداً

ينتظر أن يتم عرض فيلم "بسمة" عبر نتفلكس في العام 2024 

إنستغرام فاطمة البنوي: fatima_albanawi@