جورجيا الرحلة التي تجاوزت التوقعات

جورجيا الرحلة التي تجاوزت التوقعات

يزور أسامة جبرتي، مصورّ مجلة LIST، دولة جورجيا حيث يخوض مغامرة لطيفة ويشهد على لحظات مميزة وحيث يعيش شغفه الأول: تصوير الطبيعة وحياة الشارع
05 مايو 24
Share

كان سقف توقعات جبرتي منخفضاً حين قرر زيارة هذه البقعة من العالم، إلا أن جورجيا كانت حافلة بالمفاجآت السارة جداً، وفتحت أمامه آفاق ثقافة جديدة ومشاهد مختلفة كليّاً عما اعتاده. والأهم من ذلك أنها أشبعت فضول عدسته التي تبحث دائماً عن كل ما هو جديد ومختلف. وفي هذا التقرير يروي أسامة تفاصيل رحلته المثيرة إلى جورجيا.

الخطوة الأولى

يقودني شغفي بالسفر إلى استكشاف عوالم جديدة، فقد زرت بلداناً عدة في أفريقيا وآسيا، لكنني قررت هذه المرة التوجه شمالاً نحو القارة الأوروبية. ودفعني إلى هذا حبي للبحث عن وجهة جديدة ما زالت تتصل إلى حد ما بالشارع. فأنا أسعى دائماً إلى رواية قصص عن بساطة حياة مجموعات مختلفة من البشر حول العالم.

في قلب تبليسي

وصلت إلى تبليسي عاصمة جورجيا، وانطلقت فوراً إلى وسطها لاستكشاف جوهر أماكنها. بصراحة، فاق ما شاهدته هناك كل توقعاتي. ففي وسط المدينة، تجد الناس يتجولون بكامل أناقتهم. ويتباين مستوى هذه الأناقة بين فرد وآخر تبعاً لأسلوبه وللملابس التي يختارها. وقد شعرت لبعض الوقت بأن السكان يسيرون على منصة لعرض الأزياء، لا في شارع عام. لذا لم أستطع مقاومة حسّ التصوير المرهف لدي، فالتقطت صوراً لعدد من هؤلاء. واللافت أنهم لم يظهروا أي ارتباك أمام الكاميرا، بل على العكس، كانوا يرسمون ابتسامة على وجوههم كلما لاحظوا أنني التقط الصور لهم. وفي وسط تبليسي زرت شارع العرب الذي يمتد على مقربة من أماكن سياحية عدّة تتميز بقيمة تاريخية عظيمة.

إقرأ أيضاً 4 وجهات قريبة جداً تجعل عيدك أحلى

نحو متسخيتا

توجهت بعد ذلك إلى مدينة متسخيتا التي تبعد حوالي 20 كم عن شمال العاصمة تبليسي. وتتميز هذه المدينة بطابعها الريفي المحافظ الذي يظهر من خلال طرازها المعماري المستوحى من إرث المنطقة الحضاري. وهي تحتضن، في موقعها بين نهري آراغفي وكورا الرائعين، مساحات خضراء واسعة تضم مزارع وجبالاً ذات مناظر آسرة. كذلك تجد في متسخيتا كثيراً من الآثار و القلاع والكنائس التاريخية التي يعود تاريخ بنائها إلى القرن الثالث عشر بعد الميلاد، ومنها كاتدرائية سفيتيتسخوفيلي التي تتميز بقيمتها الرمزية، ودير جفاري الذي يمثل، منذ العصور الوسطى، الكنيسة الجورجية والذي تم الحفاظ عليه دون أي تغيير تقريباً. ولا بد لي من أن أذكر أنه تم إدراج بعض كنائس جورجيا على قائمة اليونيسكو للتراث العالمي منذ العام 1994. ويقع العديد منها على قمم الجبال ما يجعل الوصول إليها تحدياً تفرضه وعورة الطرق. وقد تمكنت من خوض هذا التحدي وكانت الزيارة تستحق العناء والتصوير.

وإذا أردت وصف مدينة متسخيتا، لا بد لي من الإشارة إلى أنها مكان يشعرك بالسكينة. وهنا التقيت العديد من كبار السن ممن وجدوا في ربوع المدينة ملاذاً هادئاً ومساحة للراحة والاسترخاء بعيداً عن صخب المدن وزحامها. كما قمت بجولة وسط البيوت الريفية والمناظر التي تجعل التواصل مع الطبيعة الخلابة أمراً سهلاً وممتعاً للغاية. وخلال جولتي أبهرتني أنماط شخصيات المقيمين، إذ وقف أمام عدستي العديد من أبناء الشارع الريفي مثل راعي الأغنام الذي يتنقل برفقة كلبه والرجل العجوز الذي لا يكف عن تأمل الطبيعة.

إلى الشمال

شددت بعد ذلك الرحال إلى شمال جورجيا وتحديداً إلى منطقة غودوري حيث تمكنت من عيش تجربة مختلفة كليّاً أثناء ممارسة رياضة التزلج. كان ذلك أمراً جديداً تماماً بالنسبة إليّ، ولهذا تدربت لبضع ساعات وقمت بمحاولتي الأولى التي لم تكن ناجحةً تماماً. ورغم هذا كان عليّ الاستفادة منها حيث التقطت عدسة كاميرتي صوراً يمكن وصفها بالمذهلة، فمشهد جبال القوقاز والمنحدرات الثلجية والمتزلجين أكثر من رائع ومختلف ويستحق التصوير.

وعن منطقة غودروي قال لي أحد سكان المنطقة إنها تتحول خلال فصلي الربيع والصيف إلى عالم آخر تماماً حيث يطغى على المكان الجبلي اللون الأخضر وزرقة السماء الصافية مع حلول الربيع، فيما تسيطر درجات حرارة معتدلة صيفاً. 

أنهيت زيارتي إلى دولة جورجيا ببطاقة ذاكرة ممتلئة بالصور الرائعة والتجارب والمشاهد والمغامرات التي لا تنسى.

إقرأ أيضاً: 5 وجهات تبعد 5 ساعات أو أقل عن السعودية